وفي حديثٍ آخر : لأنّ ثواب التسبيحة يبقى ، ومُلك سليمان يَفنى (١).
وقيل إنّ الدنيا لو كانت من ذهب يفنى ، وكانت الآخرة من خزف يبقى ، لكانت الآخرة خيراً من الدنيا ، فكيف والآخرة ذهب يبقى؟! ٢
إنّ الإنسان التائب وافد على ضيافة الله الذي هو أصل كلّ كرم ، ومنبع كلّ جود ، والله سبحانه يفرح بتوبة عبده ، وكيف لا يفرح والإنسان أثر من آثار بديع صنعه!
فقد نُقل عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قوله : إنّ الله تعالى أشدُّ فرحاً بتوبة عبده من رجل أضلَّ راحلته وزاده في ليلة ظلماء فوجدها ، فالله أشدّ فرحاً بتوبة عبده من ذلك الرجل براحلته حين وجدها (٣).
وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قوله : إذا تاب العبد توبةً نصوحاً ، أحبّه الله فستر عليه في الدنيا والآخرة.
فقيل : وكيف يستر عليه؟ قال عليه السلام : يُنسي مَلَكَيه ما كَتَبا عليه من الذنوب ، ويوحي إلى جوارحه : اكتمي عليه ذنوبه ، ويُوحي إلى بقاع الأرض : اكتُمي ما كان يعمل عليكِ من الذنوب. فيلقى اللهَ حين يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب (٤).
وقد أبدع الحسن بن هاني أبو نؤاس حيث قال في إحدى زهديّاته :
مَن أنا عندَه حتّى إذا |
|
أذنبتُ لا يَغفرُ لي ذنبي؟! |
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ مستدرك الوسائل ٥ : ٣٢٣.
٢ ـ محاسبة النفس للكفعميّ : ١٥٧ ، شرح نهج البلاغة ١٩ : ٢٩٠.
٣ ـ الكافي ٢ : ٤٣٥ / ح ٨.
٤ ـ نفسه ٢ : ٤٣٠ ـ ٤٣١ / ح ١ باب التوبة.