فالمراد بالشرك في قوله تعالى : (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّـهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ) (١) بعض مراتبه الذي يجامع بعض مراتب الإيمان ، وهو المسمّى باصطلاح فنّ الأخلاق بالشرك الخفي (٢).
هذا ويرجى من القارئ مراجعة «مبحث في الألوهيّة» و «مبحث في الحبّ الإلهيّ» و «مبحث الخوف والرجاء» من هذا الكتاب لتلافي التكرار والإطالة.
ولننظر إلى هذه الكلمات الفوّاحة بالأمل وحسن الظنّ على لسان الإمام عليّ ابن الحسين عليه السلام في مناجاة الراغبين حيث يقول : إلهي إن كان قَلَّ زادي في المسيرِ إليك ، فلَقَد حَسُن ظنّي بالتوكّلِ عَلَيك ، وإن كان جُرمي قد أخافَني مِن عُقوبتِك ، فإنّ رجائي قد أشعَرَني بالأمنِ مِن نِقْمتِك ، وإن كان ذَنْبي قد عرَّضَني لِعقابِك ، فقد آذَنَني حُسنُ ثقتي بثوابِك ، وإن أنامَتْني الغفلةُ عنِ الاستعدادِ لِلقائِك ، فقد نَبَّهَتْني المعرفةُ بِكرمِك وآلائِك ، وإن أوحَشَ ما بيني وبينَك فَرْطُ العصيانِ والطغيان ، فقد أنَسني بُشرَى الغفرانِ والرِّضوان.
أسألك بِسُبُحاتِ وجهِكَ وبأنوارِ قُدسِك ، وأبتهلُ إليكَ بِعواطفِ رحمتِك ولطائفِ بِرِّك ، أن تُحقّقَ ظنّي بما أُؤمّلُه مِن جَزيلِ إكرامِك ، وجميلِ إنعامِك ، في القُربى مِنكَ والزُّلفى لَدَيك ، والتَّمتُّعِ بالنظرِ إليك ، وها أنا مُتعرِّضٌ لنفحاتِ رَوْحِكَ وعَطْفِك ، ومُنتَجِعٌ غيثَ جُودِك ولُطفك ، فارٌّ مِن سَخَطِك إلى رِضاك ، هاربٌ مِنك إلَيك ، راجٍ أحسَنَ ما لَدَيك ، مُعوِّلٌ على مَواهبِك ، مُفتَقِرٌ إلى رِعايتِك.
إلهي ما بدَأْتَ بهِ مِن فضلِك فَتَمِّمْه ، وما وَهَبتَ لي مِن كرمِك فَلا تَسْلُبْه ، وما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ يوسف : ١٠٦.
٢ ـ تفسير الميزان ١١ : ٢٧٦.