واحد ، إذن العبرة بالقلب لا بالقالب ، وبالمضمون لا بالشكل.
فالذي يهاجر ويقاتل من أجل الغنائم هو مهاجر إلى الغنيمة ، ومن هاجر لأجل امرأة يصيبها فهو مهاجر المرأة ، وقد ورد في الآثار أنّ أحدهم هاجر وقاتل من أجل حمار ، وآخر هاجر لأجل امرأة تُكنّى أمّ قيس فسماهما الصحابة بمهاجر الحمار ، ومهاجر أمّ قيس (١).
عن الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام قال : لا حَسَبَ لقرشيّ ولا لعربيّ إلّا بتواضع ، ولا كرمَ إلّا بتقوى ، ولا عملَ إلّا بالنيّة ، ولا عبادةَ إلّا بالتفقّه (٢).
بل وصل الأمر ببعض الأفذاذ من الصالحين أن يجعل للأكل والشرب نيّة حسنة ؛ لتحمِل تلك الأعمال السمة العباديّة التي يترتّب عليها الأجر والثواب. ت
قال النبيّ صلى الله عليه وآله : يا أبا ذرّ ، لِيكُنْ لك في كلّ شيء نيّة حتى في النوم والأكل (٣). يا أبا ذرّ ، هِمَّ بالحسنة وإنْ لم تعملها ، لكي لا تُكتَبَ من الغافلين (٤).
وقد حثّ الإسلام والقائمون عليه أتباعهم على تثبيت نيّة الخير والعزم عليه من أجل نيل الثواب واستحقاق الأجر والمثوبة ، فقد ورد عن أبي بصير عن الصادق عليه السلام أنّه قال : إنّ العبد المؤمن الفقير ليقول : يا ربِّ ارزقني حتّى أفعل كذا وكذا من البرّ ووجوه الخير. فإذا علم الله ذلك منه بصدق نيّته ، كتب الله له من الأجر مِثلَ ما يكتب له لو عَمِله ، إنَّ الله واسع كريم (٥).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ فتح الباري ١ : ٨ ، شرح صحيح مسلم للنوويّ ١٣ : ٥٥ ، مجمع الزوائد ٢ : ١٠.
٢ ـ الكافي ٨ : ٢٣٤ / ح ٣١٢.
٣ ـ وسائل الشيعة ١ : ٤٨ / ح ٩٠ ـ ط مؤسّسة آل البيت عليهم السلام.
٤ ـ نفسه ١ : ٥٦ / ح ١١٦.
٥ ـ المحاسن : ٢٦١ / ح ٣٢٠.