وورد في الحديث الشريف عن الإمام الصادق عليه السلام ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : نيّة المؤمن خير من عمله ، ونيّة الكافر شرّ من عمله ، وكلّ عامل يعمل على نيّته (١) ، وقد قيلَ بعد ذلك لأبي عبد الله عليه السلام : يا ابن رسول الله ، إنّي سمعتك تقول : نيّة المؤمن خير من عمله ، فكيف تكون النيّة خيراً من العمل؟
فقال الإمام عليه السلام : لأنّ العمل ربّما كان رياءً للمخلوقين ، والنيّةُ خالصةً لربّ العالمين ، فيعطي تعالى على النيّة ما لا يعطي على العمل (٢).
ومن مصاديق هذه الرواية ما يقوم به المرء من أعمال من باب التقيّة. قال عليه السلام أيضاً : إنّ العبد لَينوي من نهاره أن يصلّي بالليل فتغلبه عينه فينام ، فيثبّت الله له صلاته ، ويكتب نَفَسَه تسبيحاً ، ويجعل نومه عليه صدقة (٣).
وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : نيّة المؤمن أفضل من عمله ؛ وذلك لأنّه ينوي من الخير ما لا يدركه ، ونيّة الكافر شرّ من عمله ؛ وذلك لأنّ الكافر ينوي الشرّ ويأمل من الشرّ ما لا يدركه (٤).
وربّما يقول سائل : لماذا يخلّد الله أهل الطاعات في الجنّة في حين أنّ عملهم في الدنيا محدود وقليل نسبةً إلى نعيم الآخرة ، ويخلّد الله أهل المعاصي في النار في حين أنّ معاصيهم محدودة في وقت قليل؟
وعندما نوجّه هذا السؤال إلى بحر العلم الصافي ، ومنار الإسلام الساطع ، الإمام الصادق عليه السلام ، فسنسمعه يقول : إنّما خُلِّد أهل النار في النار ، لأنّ نيّاتهم كانت في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الكافي ٢ : ٨٤ / ح ٢ ـ باب النيّة.
٢ ـ علل الشرائع ٢ : ٥٢٤ ب ٣٠١ / ح ١.
٣ ـ نفسه ٢ : ٥٢٤ ب ٣٠١ / ح ١.
٤ ـ نفسه ٢ : ٥٢٤ ب ٣٠١ / ح ٢.