كلّها يقول له الرجل : نعم يا رسول الله.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : فإنّي أوصيك إذا أنت هممتَ بأمر فتدبّر عاقبتَه ، فإن يكُ رُشداً فأمضِه ، وإن يكُ غيّاً فانتَهِ عنه (١).
وكذلك أُمر المسلم بالتفكّر والتدبّر ليكون عمله صادراً عن وعي وإرادة ونيّة خالصة ، وبهذا يحقّق الثواب الجزيل ، فقد ورد في الحديث الشريف : تفكّرُ ساعة خيرٌ من عبادة سنة (٢) ، وجاء عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله : نبّهْ بالتكفّر قلبك (٣).
وقال النبيّ صلى الله عليه وآله : لا عبادةَ مِثلُ التفكّر (٤) ، وقال أمير المؤمنين عليه السلام : إنّ التفكّر يدعو إلى البِرّ والعمل بهِ (٥).
وعنه عليه السلام أيضاً قال : مَن ألزم قلبَه فكراً ، ولسانَه الذِّكر ، ملأ الله قلبه إيماناً ورحمةً ونوراً وحكمة ، وإنّ الفكر والاعتبار يُخرِجان من قلب المؤمن عجائب المنطق في الحكمةِ ، فتُسمَع له أقوال يرضاها العلماء ، ويخشع لها العقلاء ، ويُعجَب منها الحكماء (٦).
وكان لقمان عليه السلام يطيل الجلوس وحده ، وكان يمرّ بهِ مولاه فيقول : يا لقمان ، إنّك تديم الجلوس وحدك ، فلو جلستَ مع الناس كان آنسَ لك ، فيقول لقمان : إنّ طول الوحدة أفهمُ للفكرة ، وطول الفكرة دليل على طريق الجنّة (٧). وقال ابن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الكافي ٨ : ١٥٠ / ح ١٣٠.
٢ ـ فقه الرضا عليه السلام : ٣٨٠ / ح ١٠٦.
٣ ـ الكافي ٢ : ٥٤ / ح ١.
٤ ـ من لا يحضره الفقيه ٤ : ٣٧٢ / ح ٥٧٦٥ ـ الباب ٦٦٦.
٥ ـ الكافي ٢ : ٥٥ / ح ٥.
٦ ـ إرشاد القلوب : ١٠٠ ، جامع أحاديث الشيعة ١٤ : ١٩٦ / ح ٢٢٥٤.
٧ ـ تنبيه الخواطر ١ : ٢٥٠ ـ ٢٥١ ، بحار الأنوار ١٣ : ٤٢٢ / ح ١٧.