أبلى : نقول : أبلى الله عباده ، أي : اخْتَبَرهُم بِصنعٍ جميل.
أَولى : صَنَع المعروف.
تبتدئ هذه الفقرة بالثناء على محامد الله سبحانه ، وتضصفه بما هو أهله من الإحسان والإنعام والإفضال ، وأنّه أهل التقوى وأهل المغفرة ، ثمّ يبسط الداعي دعاءه لشكر الله على ما نشر من جميل الفعال ، وما ستر من قبيح الخصال ، وعلى ما نجّى من الآفات والبليّات ، وعلى ما عافى بعد السقم والأوجاع.
ويصفه سبحانه بالمحبّ الواله لمن أحبّه ، وأنّه قرّة عين من استجار به ولاذ بجانبه الكريم ، وينتقل إلى الاعتراف أمام عظمة الله بالإساءة والتقصير ، لكنّه يعود ليصف ربّه بالإحسان والعفو والحلم الطويل على من أساء واقترف. ويتحدّث عن النعم الجِسام والمواهب الكريمة التي لا يمكن أن نقابلها بأعمالنا القليلة.
بهذه الروح السامية ، والنفس الصافية ، والقلب السليم ، يعلّمنا الإمام عليه السلام آداب الدعاء ، وآداب الاستطراق على ساحة الربوبيّة المقدّسة ، إنّ الدنيا متْجرُ أولياء الله ، ومهبط ملائكته ، وميدان رسله ، ورأس مال الصالحين للاتّجار مع الله. والمؤمنون قادرون ـ بتوفيق الله وتسديده ـ أن يستثمروا كلّ لحظة منها في عمل عباديّ نافع يقرّبهم إلى الله سبحانه.
إنّ الإنسان الذي بين يديه شيء من حطام الدنيا وخيراتها يستطيع أن يقدّم منه شيئاً للصالح بعنوان القربة ، وهذا يعتبر قرضاً حسناً لله سبحانه ، وذخيرةً نافعة ليوم المعاد. وقد وعد الله سبحانه أن يضاعف هذا القرض أضعافاً مضاعفة ، قال سبحانه : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) (١) ، وقال تعالى : (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الأنعام : ١٦٠.