على أساس متين من الله ، بل كانت خاضعة للأوضاع الطارئة التي تزول لدى أوّل تحدّ من تحديات المصير التي تواجه المسؤولين بطريقة حاسمة ليس فيها أيّ انحراف أو لفّ أو دوران ، أو وساطة في ما تعارف عليه الناس من أساليب الوساطة في الدنيا.
وهنا وقف التابعون ليطلقوا التنهدات والحسرات على كل المواقف الخاضعة الخانعة التي كانوا يقفونها لمصلحة هؤلاء في الدنيا ، فيجعلون مصيرهم تبعا لإرادة الآخرين وشهواتهم وأطماعهم. وانطلقت التمنيات التي تعبر عن التمزق النفسي الداخلي ، والحيرة القاتلة ، والشعور بالخيبة الكبيرة للآمال التي تعيش في نفوسهم من خلال العلاقة بهم ، والحقد العميق الذي يحرق الروح بحثا عن الثأر. (وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا) إنهم يبحثون عن ردّ الفعل الذي يقابل البراءة ببراءة مماثلة تمسّ الظالمين في مصالحهم في مواقعهم في الدنيا ، فيتمنون أن يرجعوا إلى الدنيا كرّة أخرى ، ولكنها تمنيات تضيع في الهواء.
(كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ) عند ما ترجع بهم الذكرى إلى حياتهم التي كانوا يسيرون فيها في ركاب هؤلاء الظالمين ، ليبنوا حياة الظلم والطغيان بسواعدهم وجهودهم في كفاح متواصل طويل. إنهم يواجهون الموقف ليروا كل تلك الأعمال والجهود تتحول في مصيرهم إلى حسرات لا تنفعهم ، فقد وقعوا في النار (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ) مهما احتجوا ومهما برّروا أو تنهدوا ، فقد كان لهم مجال كبير في دراسة الواقع ومعرفته من خلال وعي الرسالة والمبدأ ، وقامت عليهم الحجة من الله في ذلك كله.
* * *