إلى عقدة كبيرة تهدد المسيرة الإسلامية في ذلك المجتمع.
وكان القرآن بالمرصاد لذلك ، فقد خاض المعركة بكل الأساليب الضرورية التي يحتاجها الموقف ، سواء في ذلك الأساليب الفكرية التي تواجه طبيعة التشريع ، أو الأساليب العاطفية التي تخاطب مشاعر المسلمين وعواطفهم ، أو الأساليب العملية التي تواجه المسلمين بالواقع الداخلي لأهل الكتاب في ما يمارسونه من أساليب اللف والدوران والتضليل ضد المسلمين ، وتعرّفهم الموقع الذي يريد الله للأمّة أن تقفه في الكون في قيادة العالم إلى الشاطئ الأمين ، مما يجعل من القضية مدخلا قرآنيا لتربية المجتمع المسلم على مواجهة التحديات بالفكر والعاطفة والواقعية ، ولتأكيد الخط القرآني الذي لا يترك المسلمين في حيرة أمام علامات الاستفهام التي تثور في وجدانهم حول قضايا العقيدة والتشريع ، بل يعمل على أن يجد لهم الأجوبة التي ترضي قناعاتهم الفكرية ، وتمنحهم الشعور بالرضى والاطمئنان والثقة بما يعتقدون ويعملون ، من أجل تركيز هذا التشريع في وعي الناس ، وتربية المجتمع المسلم على الانطلاق إلى الحياة من خلال القواعد الثابتة المنطلقة من أمر الله ونهيه في كل ما يريد الله أن يغيره أو يبدله من تشريع أو غيره ، ليعي المجتمع من خلال ذلك طبيعة علاقته بالله وحدودها ، ويعرف أن المسلم لا يملك أمام كلمة الله أيّة إرادة تقوده إلى الرفض أو التشكيك ، بل هو التسليم المطلق في كل شيء كما توحي به الآية الكريمة : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) [الأحزاب : ٣٦].
وقد حدثنا الله في هذا الفصل عن الكلمات التي يمكن أن تقال ، وعن التصورات التي ينبغي للمسلم أن يعيشها أمام تلك الكلمات ، وعن طبيعة هذا التبدل في التشريع ، في حكمة الله ، وفي نتائجه العملية على سير الدعوة ، وعن التصورات والاهتمامات النفسية التي كانت تشغل بال النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل