كليم الله. وما ذا يقولون فيه إذ أمر بقتل ذكور الأطفال وموطوءات النساء من سبي مديان ولم يبقوا إلا البنات الأطفال اللواتي لم يقربهن ذكر. وإنما أبقوهن لانتفاعهم بهن لا رقة عليهن «عد ٣١ : ١٧ و ١٨» وقتل بأمره كل من في مدن سيحون من الرجال والنساء والأطفال «تث ٢ : ٣٤» وكذا مملكة عوج ملك باشان «تث ٣ : ٥ و ٦».
ويا لهفاه ويا أسفاه على يشوع بن نون إذ قتلوا وحرموا بأمره كل ما في مدينة اريحا من رجل وامرأة وشيخ وطفل حتى الحيوانات «يش ٦ : ١٧ و ٢١» وكذا كل من في مدينة عاي مما عدا البهائم «يش ٨ : ٢٦ و ٢٧» وكل نفس بمقيده ، ولبنه ، ولخيش ، وعجلون ، وحبرون ودبير. وكل أرض الجبل والجنوب والسهل والسفوح «يش ١٠ : ٢٨ ـ ٤١» وكذا حاصور «يش ١١ : ١١».
ومع ذلك ينسب الأمر بهذا كله إلى الله ، بل انه هو الذي شدد قلوب المحاربين لبني اسرائيل من هؤلاء ليقع هذا الفعل بهم وبنسائهم وأطفالهم ولا تكون عليهم رأفة ويحرموا ويبادوا كما أمر الرب موسى «يش ١١ : ٢٠».
فان قلت : ان التوراة قد اعلنت بحكمة هذا التحريم والابادة وهي المحافظة على ان لا يختلطوا مع بني اسرائيل فيردونهم او يردون أبناءهم عن عبادة الله الى عبادة آلهتهم «تث ٧ : ٣ و ٤ و ٢٠ : ١٨».
قلت : أولا لئن جاز هذا كله بما فيه من العظائم ، وصح من موسى ويوشع حذرا من العاقبة في المستقبل وحماية للتوحيد من احتمال أن يغوى نسل هؤلاء المبادين لبني اسرائيل الذين عرفت في المقدمة الخامسة انهم لم يستقروا على التوحيد في جيل من أجيالهم من زمان موسى الى سبي بابل. فلما ذا لا يجوز لرسول الله المبعوث لمحو الشرك وإعلاء كلمة الحق أن يطهر الأرض من رجاسة فلان وفلان وبني النضير الذين قد أسرفوا وأفرطوا في مقاومة الموحدين والتوحيد بأقوالهم وأفعالهم ، وجرأتهم وبغيهم وغدرهم ونكث العهد ، ونصرة الشرك.
أفلم ينظر المتكلف في السير ليعرف ما جناه هؤلاء وعلى الخصوص بني النضير الفجرة الذين أرادوا بغدرهم أن يؤيدوا كلمة الشرك ويمكنوا المشركين