من قتل الموحدين.
وثانيا : ان حكم التوراة الرائجة بالتحريم وإبادة كل نسمة حتى الأطفال مختص بسبعة شعوب : الحثيين. والجرجاشيين. والاموريين والكنعانيين. والفرزيين. والحويين. واليبوسيين. «تث ٧ : ١ ـ ٥ و ٢٠ : ١٦ ـ ١٨» ، وأما غير هؤلاء الشعوب من المحاربين لبني اسرائيل ، فإن نساءهم وأطفالهم وبهائمهم تكون غنيمة ولا يقتلون «تث ٢٠ : ١٢ ـ ١٥».
فنقول : ان المديانيين إن كانوا من الشعوب السبعة ، فلما ذا أبقى موسى من اناثهم الأبكار اللواتي لم يعرفن مضاجعة ذكر اثنين وثلاثين ألفا «عد ٣١ ـ ٣٥» أفأمن موسى من أن يغوين بني اسرائيل ويرددنهم الى عبادة غير الله؟ كيف ولا وان المديانيات هن اللواتي أغوين بني اسرائيل في شطيم إذ زنوا بهن وأكلوا من ذبائح آلهتهن وسجدوا لها وتعلقوا ببعل فغور «عد ٢٥ : ١ ـ ١٨ و ٣١ : ١٦».
وهل كان هذا منه محاباة لبني اسرائيل حيث أعجبهم جمالهن وذاقوا لذة الزنى بهن. ولئن كان هذا عن أمر الله فهاهنا يقول القائل نحو ما قاله المتكلف «يه ١ ج ص ٦٦ س ١٣» حاشا لله القدوس الطاهر أن يصادق على العمل الشهواني المنبعث عن لذة الزنى الموقع في الشرك. هذا وإن لم يكن المديانيون من الشعوب السبعة فلما ذا قتل موسى أطفالهم الذكور وهم يبلغون الوفاء عديدة بمقتضى قياس الابكار من الاناث.
وأيضا كيف أقدم يشوع لأجل سرقة من الغنيمة فاحرق عخان وبنيه وبناتهم مع انهم مؤمنون من نسل ابراهيم من بني اسرائيل شعب الله وهب ان عخان سرق فما ذنب البنين والبنات وما ذنب حيواناته حتى أحرقوها أيضا هي وكل ما له «يش ٧ : ٢٤ و ٢٥».
وأيضا في العهد القديم ان صموئيل النبي أمر شاول ان يقتل عماليق رجلا وامرأة طفلا ورضيعا بقرا وغنما جملا وحمارا انتقاما وتشفيا منهم لأجل ما عملوه ببني اسرائيل حين وقفوا لهم بالطريق عند صعودهم من مصر «١ صم ١٥ : ٢ و ٣» بعد ما مضى ما يقرب من أربعمائة وخمسين سنة.