أفليس هذا من القسوة والحقد؟ وأعجب من هذا ان ذلك ينسب الى أمر الله وحاشا له أن يأمر بقتل الاطفال الذين لا ذنب لهم ولا تكليف عليهم بفعل الغير قبل ما يزيد على أربعة قرون.
«ورطات المتكلف» فإنه قد قابل بين قتل رسول الله لمن عدهم وقد عرفت مظاهرتهم للشرك على التوحيد وبين عفو داود عن قتل شاول ملك اسرائيل ، وهذا من المضحكات فإن العهد القديم يقول : ان شاول رجل مؤمن موحد قد تنبأ مع الأنبياء ومسحه الله ملكا على اسرائيل لتخليصهم فكان متجردا للجهاد في سبيل الله ونصرة التوحيد وكسر شوكة الشرك والمشركين ويكفي في ارتداع داود عن قتله اعترافه بأنه مسيح الرب «انظر صموئيل الاول من التاسع الى الرابع والعشرين».
ولكن لما ذا لم يذكر المتكلف في المقابلة ما يذكره العهد القديم عن داود وحاشاه من غدره بأوريا في زوجته ونفسه ذلك الغدر الفاحش ، ولما ذا لم يذكر ما يذكره كتابهم عن موسى ويشوع وصموئيل كما ذكرناه؟ وليت شعري ما ذا ترى المتكلف يقول في تقولاته لو لم يكن مثل ما ذكرنا في كتبه التي ينسبها إلى الوحي؟ أتقول : انه لم يطلع عليها ، كيف وقد كرس نفسه مبشرا في نحلته عالما من الكتاب؟ أفلم ينظر في كتبه حتى في المكتب الابتدائي؟ أيكون مثل هذا في هذا الجيل المتنور. ما عشت أراك الدهر عجبا.
«دعوى الخطأ» ثم قال المتكلف «يه ١ ج ص ٧١» في شأن رسول الله «ص» كثيرا ما كان يخطئ في أعماله.
واستشهد لذلك بآيتين الاولى قوله تعالى في سورة الانفال ٦٨ (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
وقد أرسل المتكلف حسب أمانته وترويج غرضه في نزول الآية رواية مضمونها ان رسول الله أتى باسارى بدر وفيهم عمه وابن عمه فاستشار أصحابه وأظهر في لوائح كلماته وأمثاله ميله الى استحيائهم وفدائهم فخير أصحابه فاختاروا الفداء فنزلت هذه الآية.