لأن الغرض منه هو كونه دالا على صدق الرسول وحجة على الناس وأي نحو منه كان وافيا بهذا الغرض.
صح في الحكمة أن يكون حجة على الرسالة فانظر الى ما تضمنه العهدان من اختلاف معجزات أنبيائهما وشواهدهم على الرسالة كمعجزات موسى لبني اسرائيل ولفرعون ، ومعجزات ايليا واليشع والمسيح.
بل قد توجب الحكمة الإلهية اختلافها مراعاة لمصلحة الوقت وحال المدعوين بحسب أزمانهم وأحوالهم ومعرفتهم.
ولا يسمحان أيضا بأن نشترط في المعجز أن يكون معتضدا بالاشارة من النبي السابق ، لأن هذا الشرط يلزم منه بطلان النبوات بأجمعها فان النبوة الاولى منها لا اشارة إليها إذ ليس قبلها نبوة فتبطل فيبطل ما بعدها من النبوات ولا ينفعها الاشارة من النبوة التي بعدها لأن مقتضى هذا الشرط ان النبوات المتأخرة لا تثبت لكي تنفع اشارتها حتى يثبت ما قبلها بما له من الشروط. ويكفي من العهدين في الدلالة على بطلان هذا الاشتراط ما دل منها على كفاية المعجز في الدلالة على النبوة والرسالة.
ففي رابع الخروج «١ ـ ١٠» ان الله جعل لموسى آية العصا واليد البيضاء حجة لرسالته على بني اسرائيل ومقتضيه لايمانهم به ، وقد كفى ذلك وآمن لأجله بنو اسرائيل «خر ٤ : ٣٠ و ٣١».
وفي خامس يوحنا عن قول المسيح ١٦ لأن الأعمال التي أعطاني الأب لأكملها هذه الأعمال بعينها التي أنا أعملها هي تشهد لي ان الأب قد أرسلني.
وفي ثاني الأعمال عن قول بطرس ٢٢ يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما انكم أيضا تعلمون.
ولا يسمح العقل والنقل أيضا بأن نقترح على المعجز ان لا يصدر إلا بعد الطلب والاقتراح لأن الغرض منه على نحو الغرض من النص واعجاز كمالات الرسول إنما هو اقتضاؤه لايمان المدعوين كما ذكرنا.