الاصلاحية التي عملت لإيقاظ الرقود في الشرق ، وتجديد رسالة الاسلام والذود عن حياضها وإحياء فلسفة القرآن المتطورة على كر العصور ، وتعاقب الدهور ، فهي لا شرقية ولا غربية ، بل جامعة بين الروحانية والمادية ، كما يفرضه قانون الحياة وسنة الوجود الانساني ، ونواميس الكون ، لهذا سمي الاسلام دين الفطرة ، أي دين الانسانية ، فهو يحارب المادية ويطاردها إذا هي تجردت من المعاني الروحية ، كما يتنكر للروحانية الصرفة إذا ما جانبت الجوانب المادية البريئة ، وفي القرآن الكريم والأحاديث الشريفة ، وفي أقوال وتعاليم أهل البيت عليهمالسلام كثير من الأمثلة والشواهد الرائعة الناطقة بهذه الحقيقة الكونية الأزلية ، ولا مجال لذكرها وسردها هنا.
كان في مقدمة الذين نذروا أنفسهم في صد التيارات التبشيرية ضد الاسلام ، دولة المصلح المجاهد الشجاع المرحوم فخر الشرق والاسلام السيد جمال الدين الافغاني وتلاميذه الاحرار ، وعلى رأسهم مفتي الديار المصرية العلامة الشهير الشيخ محمد عبده. ومن تخرج عليه من أفذاذ رجال العلم المفكرين كالسيد رشيد رضا والسيد عبد الرحمن الكواكبي وأضرابهما من الغيارى. ومن آثار السيد الافغاني في مكافحة الالحاد كتابه المشهور في الرد على الدهريين ، وتبعه تلميذه الشيخ محمد عبده في صد هجوم المستشرقون وحملاتهم على رسول الاسلام «ص» ، وشريعة القرآن في كتابه «الاسلام والرد على منتقديه» ، و «الاسلام والنصرانية» وغيرهما ، أما الكواكبي فحسبه كتابه القيم «طبائع الاستبداد» ، وكتابه «العروة الوثقى».
أما في ديار الرافدين فقد انفرد بالكفاح والنضال فقيد الشرق الامام الحجة نصير الاسلام الشيخ محمد الجواد البلاغي ، فجرد قلمه البليغ ، وهو أقطع بحجته من الحسام في وجوه الملحدين والمبشرين المستشرقين في الشرق والغرب ، وقد تضمنت مؤلفاته الكثيرة القيمة جهاده الطويل المبارك في الذب عن حقائق الاسلام ، وفي مقدمتها كتابه «الهدى الى دين المصطفى» وهو هذا الكتاب ، وكتابه «الرحلة المدرسية» و «أنوار الهدى» و «نصائح الهدى» وغيرها مما سيأتي تفصيلها.
* * *