(... إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً ...). (١)
وقد ترد كلتا اللفظتين في آية واحدة وتستعملان في معنى واحد كما في قوله سبحانه :
(قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ...) (٢). (٣)
ونحن ندعو القارئ الكريم أن يراجع بنفسه المعجم المفهرس مادتي «عبد» و «دعا» ليرى بنفسه كيف عُبِّر عن مضمون واحد في آية بلفظ العبادة وفي آية أُخرى عُبِّر عن نفس المضمون بلفظ «الدعوة» ، وهذا بنفسه شاهد على أنّ المقصود من الدعوة في هذه الآيات هو العبادة والخضوع ، وليس مطلق النداء.
هذا والقارئ الكريم إذا درس مجموع الآيات التي ورد فيها لفظ الدعوة وأُريد منه القسم الملازم للعبادة لرأى أنّ الآيات إمّا وردت حول خالق الكون الذي يعترف جميع الموحّدين بألوهيته وربوبيته ومالكيته. أو وردت في شأن الأوثان التي كان عبدتُها يتصوّرون أنّها آلهة صغيرة ومالكة لمقام الشفاعة ، وفي هذه الحالة فإنّ الاستدلال بهذه الآيات في مورد بحثنا الذي يكون فيه دعاء أولياء الله والاستغاثة بهم مجرداً عن الاعتقاد بأنّهم يملكون إحدى تلك الصفات الإلهية يكون من أغرب أنواع الاستدلال ومن أعجب العجب.
ثمّ إنّ الاطّلاع على معتقدات الوثنيّين في عصر الرسالة يزيح الستار عن تلك الحقيقة.
__________________
(١). العنكبوت : ١٧.
(٢). الأنعام : ٥٦.
(٣). وبهذا المضمون وردت الآية ٦٦ من سورة غافر.