تخرجه من العدم ، فلا شكّ أنّه في مثل هذه الحالة يكون وجود هذه الأجزاء الثلاثة محتاجاً إلى إله يفيض عليها الوجود والتحقّق ، وبلا شكّ ليس لهذا القول من نتيجة إلّا الاعتراف بأنّ هذا الإله المركّب من أقانيم ثلاثة يحتاج في تحقّقه إلى علّة أُخرى ويكون معلولاً ومخلوقاً لإله آخر يتّصف بالبساطة وعدم التركّب ، لأنّه مع الاتّصاف بذلك لا مفرّ من التفكير بإله آخر ليخرج هذا المركب من العدم إلى حيّز الوجود.
ج : انّهم يدّعون : أنّ في الطبيعة الإلهية أشخاصاً ثلاثة ، وأنّ كلّ واحد منها يملك تمام الألوهية ، والحال أنّهم يقولون : إنّ الثالوث لا تقبل التجزئة.
وبعبارة أُخرى : انّ بين الكلامين تناقضاً واضحاً ، لأنّه إذا كان هناك في الواقع ثلاثة أقانيم وثلاثة شخصيات ، فهذا ملازم للقول بتجزئة الثالوث ، وأمّا إذا قلنا إنّه غير قابل للتجزئة فحينئذٍ كيف يمكن أن نتصوّر وجود ثلاثة وجودات مستقلة؟! بل لا بدّ من القول بوجود مركّب من ثلاثة أقانيم.
وإذا كانت شخصية الابن إلهاً ، فلما ذا يا ترى كان الابن يعبد أباه؟! وهل يعقل أن يعبد إله إلهاً آخر مساوياً له وأن يمد إليه يد الحاجة؟!
د : يدّعي المسيحيون أنّ كلّ واحد من الآلهة الثلاثة مالك لتمام الألوهية ويقولون : إنّ الألوهية قد تجسّدت في عيسى ابن مريم ، وإنّه صلب ـ بعد أن عاش فترة محددة ـ من أجل تطهير وفداء أُمّته التي تلوّثت بالذنوب الموروثة.
وهذه النظرية تواجه عدّة إشكالات وتتوجّه إليها أسئلة جدّية من قبيل : كيف يمكن أن يتجسّد الإله غير المحدود في وجود محدود زماناً ومكاناً باعتباره جسماً ، إذ من المسلّم انّ السيد المسيح وجود ـ جسم ـ عاش في مكان محدود ـ فلسطين ـ وفي زمان محدود ، وقد أحاط به اليهود وقتلوه كما يذهب إلى ذلك