يتوقّف عليها غرض الخلقة وصونها من العبث واللغو.
وأمّا اللطف المقرب فهو : عبارة عن القيام بما يكون محصّلاً وسبباً لتقرّب العباد من الطاعة والامتثال للأوامر الإلهية ، والابتعاد عن العصيان والتمرّد ، من دون أن يتنافى مع أصل الاختيار والحرية في التصميم واتخاذ القرار.
ثمّ إنّه يمكن إثبات لزوم بعثة الأنبياء من خلال قاعدة اللطف على أساس كلا المعنيين (اللطف المحصّل والمقرّب).
أمّا اللطف المحصّل فلأنّه من الثابت أنّ الهدف من خلق الإنسان هو معرفة الله ، وتكامله الروحي والمعنوي. ومن البديهي أنّ الوصول إلى هذا الهدف وتحصيل تلك الغاية المهمة لا يتسنّى للإنسان ولا يمكن له نيله إلّا إذا توفّرت قيادة حكيمة تستطيع أن تأخذ بيد الإنسان في هذا الطريق ألا وهي قيادة الأنبياء عليهمالسلام ، وذلك لأنّ العقل مهما أُوتي من قدرة على الإدراك فإنّه عاجز عن طي هذا الطريق الشائك وبصورة كاملة لوحده ، وكذلك الكلام في الفطرة الإنسانية ، فهي أيضاً كالعقل عاجزة عن تسليط الأضواء على جميع الزوايا الخافية في طريق الحركة والتكامل البشري!
ولكن عبارات المتكلّمين نراها في هذا المجال تنسجم مع قسم واحد من أقسام اللطف وهو «اللطف المقرب».
وحاصل ذلك : انّ العقل يرشد الإنسان وبصورة مستقلة إلى سلسلة من التكاليف والوظائف الأخلاقية ، من قبيل : شكر المنعم ، ورعاية العدل في المعاشرة ، وأداء الأمانات فإنّه يرى كلّ ذلك حسناً يجب امتثاله ، كما أنّه يدرك أنّ هناك مجموعة من الصفات والأفعال قبيحة يجب اجتنابها من قبيل : كفران النعمة ، والظلم وخيانة الأمانة ، وغير ذلك من الأُمور القبيحة والذميمة.