لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ* وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ). (١)
فهؤلاء الأنبياء الذين ورد ذكرهم في الآية وبحكم قوله : (إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ) كلّهم من المخلصين الذين شهدت الآيات على نزاهتهم ، وبضمّ هذه الطائفة من الآيات التي حدّدت المصاديق من المخلصين إلى الطائفة الأُخرى التي أثبتت أنّ «المخلصين» منزّهون عن إغواء الشيطان ، وأنّهم معصومون من الذنب ، يتّضح جلياً انّ هذه الطائفة من الأنبياء الذين ذكرت أسماؤهم في الآية السالفة معصومون ومنزّهون من الذنب قطعاً.
والجدير بالذكر أنّ هناك أصل مسلم بين العلماء وهو : القول بعدم الفصل بين الأنبياء من ناحية العصمة حيث إنّ الجميع متّفقون إمّا على القول بعصمة الأنبياء أو عدم عصمتهم ، ولا يوجد هناك من يفصل بين نبي دون نبي بأن يثبت العصمة لهذا دون ذاك. فإذا أخذنا هذا الأصل بعين الاعتبار يثبت انّ إثبات العصمة لطائفة من الأنبياء يستلزم إثباتها لجميع الأنبياء وإن لم يرد اسمهم في الآيات المحدّدة للمصاديق.
هذا بعض ما يمكن الاستدلال به على عصمة الأنبياء وبقيت هناك آيات يمكن الاستدلال بها على العصمة مثل قوله سبحانه :
(... وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ). (٢)
إذ يمكن القول : إنّ المقصود من الاجتباء في قوله : (اجْتَبَيْنا) هو إفاضة العصمة عليهم بلا فصل بين نبي ونبي آخر. (٣)
__________________
(١). ص : ٤٥ ـ ٤٨.
(٢). الأنعام : ٨٧.
(٣). منشور جاويد : ٥ / ٣٧ ـ ٤٨.