يتولّدون في البيوتات الصالحة والعريقة بالفضائل والكمالات وما زالت تنتقل تلك الكمالات والفضائل الروحية السامية من نسل إلى نسل وتتكامل إلى أن تتجسد في نفس النبي حتّى يتولّد وهو يحمل روحاً طيبة وقابليات كبيرة واستعدادات واسعة تكوّن الأرضية المناسبة لإفاضة المواهب الإلهية عليه.
ثمّ إنّ العامل الوراثي ليس هو العامل الوحيد لانتقال الكمالات الروحية وتكوّن القابليات والاستعدادات المقوّمة للشخصية ، بل هناك عامل آخر لتكوّنها وهو عامل التربية. وعلى هذا الأساس تكون الكمالات والفضائل المتوفرة في بيئتهم ومحيطهم تنتقل إليهم من طريق التربية.
ففي ظلِّ هذين العاملين : «الوراثة ، والتربية» ـ وهما بلا شك خارجان عن الاختيار ـ تنشأ سلسلة من الكمالات الروحية والقابليات الأخلاقية ، وتتوفر الأرضية اللازمة لإفاضة «العصمة» من الله سبحانه على الأنبياء والأئمّة.
وليس هذان العاملان هما السبب الوحيد لإفاضة العصمة ، بل هناك عوامل أُخرى لاكتساب الأرضية الصالحة داخلة في إطار الاختيار وحرية الإنسان وهي :
١. المجاهدات الفردية والاجتماعية للأنبياء ، فعلى سبيل المثال إبراهيم ويوسف وموسى (١) والنبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل البعثة ، فلقد كانوا يجاهدون النفس الأمّارة أشدّ الجهاد ويمارسون تهذيب أنفسهم ، بل ومجتمعهم لتوفير اللياقات والقابليات وإعداد الأرضية اللازمة والنفوس المستعدة لتلقّي هذا الفيض بنحو
__________________
(١). لقد ورد في القرآن الكريم الإشارة إلى قسم من مجاهدات هؤلاء الأنبياء العظام الثلاثة ، وكذلك في تاريخ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل البعثة توجد دلائل واضحة وشفافة تُعدّ الأرضية اللازمة لمثل تلك الإفاضات.