(حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ* قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ). (١)
ثمّ إنّ السيد المسيح كذلك خاطب بني إسرائيل بقوله :
(... أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ...). (٢)
ثمّ ذكر بعد ذلك معاجزه في ذيل الآية.
وعلى هذا الأساس يمكن القول إنّ المعجزة قد اعتبرت ـ ومنذ العصور السابقة ـ دليلاً على صدق القائم بها ، وانّ الناس ـ البعيدين عن الأهواء والتعصّب الأعمى ـ يسلّمون للأنبياء بمجرد رؤيتهم المعجزة ويؤمنون بهم.
ولكن البحث المهم والذي يطرح هنا هو : هل توجد علاقة منطقية ورابطة عقلية بين المعجزة وبين ما يدّعيه النبي بنحو ينتقل العقل والفطرة إلى صدق دعوى النبي بمجرد مشاهدة المعجزة ، أو أنّه لا توجد مثل تلك العلاقة المنطقية وانّ تأثير المعجزة في الواقع تأثير نفسي إقناعي فقط ، وعلى هذا الأساس لا تكون المعجزة دليلاً كافياً وبرهاناً تامّاً لإقناع العلماء والمفكّرين وأصحاب العقول من الناس ، بل يحتاج مثل هؤلاء إلى أن يقيم لهم النبي الدليل العقلي القاطع والبرهان الساطع على صدق مدّعاه ليتسنّى له جذبهم إلى الإيمان من خلال هذا الطريق ، وأمّا المعجزة فإنّه يستخدمها في مجال هداية وإرشاد العوام من الناس الذين لا يتحلّون بدرجة عالية من الفكر والتعقّل وإنّما يكتفون بظواهر الأُمور ويذعنون بها ويعتبرونها المعيار الأساسي لتمييز الحق عن الباطل.
__________________
(١). الأعراف : ١٠٥ ـ ١٠٦.
(٢). آل عمران : ٤٩.