بشرط أن لا تكون من قبيل الوحي ورؤية الملائكة التي لا يمكن للآخرين إدراكها ، فأتوا بآية نراها لنشهد بصدقكم ولنطّلع على الغيب من خلال مشاهدة هذه المعاجز والأُمور الخارقة للعادة. وبعبارة أُخرى : نعلم بوجود المشابه من خلال مشابهه. من هذا المنطلق نجد أنّ الأنبياء قد زوّدوا ومنذ الوهلة الأُولى لمراحل البعثة بالمعجزة لكي يتسنّى لهم إثبات مدّعاهم من خلال ذلك الطريق.
إنّ الذين أذعنوا بصدق النبي من خلال هذا الطريق لا ريب أنّهم سيذعنون وبصورة قهرية بجميع القضايا التي تقع في إطار العقل النظري والعقل العملي التي يسمعونها من النبي. وبعبارة أُخرى : من خلال اليقين بصدق الرسول يذعنون لتمام الشريعة مثل ذلك ، كالصحفي الذي ينقل العشرات من التقارير ونحن عندنا يقين بأنّه إنسان نزيه بعيد عن الكذب والافتراء ، فإنّنا ومن خلال هذا اليقين الإجمالي يحصل لنا العلم بجميع ما ينقله من التقارير والأخبار. وبالطبع انّ هذا اليقين الإجمالي بصدق كلام النبي لا يمنع أن يكون لكلامه في أُصول العقيدة وإطار العقل النظري دليل وبرهان خاص يثبت ذلك ، ولذلك نجد القرآن الكريم يستعمل البرهان والاستدلال بصورة كثيرة لإثبات المعارف والمفاهيم الإسلامية ويعتمد منهج العقل في المسائل التي تتعلّق بالمبدإ والمعاد والقيادة وغير ذلك ، نشير هنا إلى نماذج من ذلك :
١. في مجال إثبات وجود الخالق يقول سبحانه :
(... أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...). (١)
ويقول أيضاً : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا ...). (٢)
__________________
(١). إبراهيم : ١٠.
(٢). الأنبياء : ٢٢.