أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً). (١)
ففي هذه الآية تمّ بيان أصلين لقضاء وحكم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهما :
١. (أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ).
٢. (بِما أَراكَ اللهُ).
ولا ريب أنّ (الباء) في كلمة «بما» بمعنى «السببية» ، يعني أنّ الله سبحانه قد أنزل إليك الكتاب لتستطيع من خلاله وبالإضافة إلى بيان الحقائق من قبل الله سبحانه أن تحكم بين الناس من دون أن تقع في الخطأ والاشتباه أبداً.
وعلى هذا الأساس يظهر أنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وبالإضافة إلى علمه بالكتاب والسنّة فإنّه مسلّح ومجهز بعلم خاص ، وهو ما أشارت إليه الآية المباركة : (وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ) وقد عبّر عن ذلك المعنى في آية أُخرى بقوله : (بِما أَراكَ اللهُ).
ولكي لا يتوهّم أنّ هذه المصونية تختص بموردٍ خاص أو تختص بمجال القضاء فقط وانّ باب الخطأ مفتوح أمام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في الحوادث الأُخرى ، جاء قوله سبحانه في الجملة الثالثة : (كانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) ، ليوصد هذا الاحتمال وينفي هذا التوهّم.
إنّ الشيء الذي يصفه الله سبحانه وتعالى بالعظمة يختلف عن الشيء الذي نصفه نحن بالعظمة ولا بدّ من الفصل بينهما ، فإنّ الفضل والكرم الإلهي العظيم علامة على أنّ النبي الأكرم مصون من الخطأ والاشتباه في جميع مسير حياته ، سواء
__________________
(١). النساء : ١٠٥.