الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم حُرِم من خلال هذا الطريق من معرفة المنافقين ، ولكنّ هناك طريقين آخرين عرف صلىاللهعليهوآلهوسلم وميّز من خلالهما المنافقين عن المؤمنين والكاذبين عن الصادقين ، وهذان الطريقان هما :
الف : لحن القول ، لا شكّ انّ طريقة كلام المنافقين ولحن قولهم تختلف بالكامل عن طريقة كلام المؤمنين ولحن خطابهم ، وقد تسنّى للرسول الأكرم التمييز بين الطائفتين من خلال هذه الصفة ، قال تعالى :
(وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ). (١)
ب. علم الغيب : وهناك طريق ثالث لمعرفة المنافقين وهو الاستعانة بعلم الغيب الذي هو ليس من العلوم الحسّية ولا العقلية ، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الطريق بقوله سبحانه :
(ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ ...). (٢)
إنّ هذه الآية ومن خلال الالتفات إلى صدرها وذيلها توضّح وبجلاء انّ الله سبحانه يطلع أنبياءه ومن خلال طريق الغيب على حقيقة المنافقين وحقيقة المؤمنين.
وعلى هذا الأساس فلو انّ النبيّ قد حُرِمَ من معرفة حقيقة هذه الطائفة من خلال الطريق الأوّل (الاختبار بالجهاد) ولم يتوفّق إلى معرفتهم ولكن لم يوصد
__________________
(١). محمد : ٣٠.
(٢). آل عمران : ١٧٩.