من نسل إسحاق إلى نسل إسماعيل فما يؤمنك أن يكون هذا الرجل ـ يعني : محمداًصلىاللهعليهوآلهوسلم ـ هو النبي الموعود.
فخرج المتشاورون بنتيجة مفادها أن يبعثوا وفداً إلى المدينة للتفاوض مع الرسول الأكرم ودراسة دلائل نبوّته ، واختير لهذه المهمة ستون شخصاً من علماء نجران وعقلائهم ، وكان على رأسهم ثلاثة أشخاص من أساقفتهم ، هم :
١. «أبو حارثة بن علقمة» : أُسقف نجران الأعظم والممثل الرسمي للكنائس الروميّة في الحجاز.
٢. «عبد المسيح» : رئيس وفد نجران المعروف بعقله ودهائه ، وتدبيره.
٣. «الأيهم» : وكان من ذوي السن ومن الشخصيات المحترمة عند أهل نجران. (١)
قدم الوفد المسيحي المدينة عصراً ودخلوا المسجد على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهم يرتدون الزيّ الكنسي وثياب الديباج والحرير ويلبسون خواتيم الذهب ويحملون الصلبان في أعناقهم ، فأزعج منظرهم هذا ـ وخاصة في المسجد ـ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فشعروا بانزعاج النبي ولكنّهم لم يعرفوا سبب ذلك فسألوا «عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف» وكانت بينهم صداقة قديمة ، فأشار الرجلان إلى أنّ معرفة ذلك وحلّ تلك العقدة لا يتم إلّا من خلال علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فجاءا إليه وقالا له : ما ترى يا أبا الحسن في هؤلاء القوم؟
فقال عليهالسلام : أرى أن يضعوا حللهم هذه وخواتيمهم ثمّ يعودون إليه ، ففعلوا ذلك ثمّ دخلوا على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بغير ملابسهم السابقة وبصورة متواضعة فسلّموا
__________________
(١). تاريخ اليعقوبي : ٢ / ٦٦ ؛ السيرة الحلبية : ٣ / ٢١١ و ٢١٢.