أفراد النوع الإنساني متساوون أمام الله سبحانه ، ولا فضل لشعب على شعب ، ولا أُمّة على أُمّة ، وانّ مجرد التسميات ـ اليهودية والنصرانية ـ لا تغني شيئاً وأنّها مجرد ألفاظ وأسماء فارغة لا يمكن أن تبعث على السعادة والخلود ، فهي ألفاظ خالية وجوفاء لا ثمرة فيها ولا يمكنها أن تُحقّق الأمن والاطمئنان والسعادة للإنسان يوم القيامة ، بل أنّ الأساس الحقيقي للنجاة والعلّة الأساسية لطرد عوامل الخوف والحزن والفزع يوم القيامة لا تتحقّق إلّا إذا اعتقد الإنسان ومن صميم قلبه وآمن إيماناً حقيقياً بالله وقرن إيمانه بالعمل الصالح ، ومن دون هذين العاملين ـ الإيمان والعمل الصالح ـ يستحيل على أي إنسان من أيّ شعب كان أن يحصل على نافذة أمل في النجاة يوم القيامة.
وعلى هذا الأساس تكون الآية المذكورة غير ناظرة إلى مشروعية الديانات السابقة وإمضائها وقبولها فعلاً بحيث إنّ الإنسان مخيّر وحرّ في اختيار أي طريق شاء وأي رسالة اختار للفوز في النجاة ، بل الهدف من الآية هو إبطال فكرة التفوّق اليهودي أو المسيحي لمجرد كونهم يهوداً أو مسيحيين تلك الفكرة المزعومة والواهية.
وهذه الحقيقة لم تنحصر في الآية المذكورة ، بل هناك آيات أُخرى أشارت إلى ذلك المعنى ، منها قوله تعالى في سورة العصر :
(وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ).
إنّ القرآن الكريم ولبيان حقيقة أنّ ملاك النجاة يكمن في الإيمان الواقعي والقيام بالتكاليف والأعمال الصالحة يؤكّد وفي نفس الآية على كلمة الإيمان حيث كرّرها في نفس الآية بقوله سبحانه :