عليها حيث يقول سبحانه :
(وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ...). (١)
ولا ريب أنّ المهيمن بمعنى الحافظ والحارس والشاهد والمراقب ، وعلى هذا الأساس يكون القرآن الكريم حافظاً لأُصول الكتب السماوية السابقة ورقيباً عليها ، فيكون مقصود الآية أنّه كلّما وقع التحريف في الكتب السماوية السابقة ، فإنّ القرآن الكريم هو المراقب والشاهد والحامي لأُصولها بحيث تكفي مراجعته لإثبات الحقّ من الأُصول ومعرفة نقاط التحريف ونفي الباطل الذي حدث بسبب التحريف.
ثمّ إنّ المسلمين يعتقدون كذلك بأنّ المبعوث بهذا القرآن بما أنّه يمثل الحلقة الأخيرة من سلسلة الأنبياء ، وانّ رسالته وشريعته أكمل الرسائل وأتمّ الشرائع ، وأنّها رسالة عالمية لا تنحصر بجيل دون جيل أو بقوم دون قوم ، لذلك نجده يخاطب العالم أجمع بقوله :
(... يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ...) (٢)
حيث يؤكّد لهم أنّ رسالته لهم جميعاً ، وأنّه لا مبرر لهم ـ بعد رسالته صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في اعتناق أيّة رسالة ، أو العمل بأي شريعة غير الإسلام ، ولذلك نجده صلىاللهعليهوآلهوسلم يتصدّى وبصورة عملية في السنة السابعة والثامنة من الهجرة لإثبات تلك الحقيقة ، حيث كتب كتباً وأرسل وفوداً إلى رؤساء الممالك التي تعتنق الديانات
__________________
(١). المائدة : ٤٨.
(٢). الأعراف : ١٥٨ ، وهناك آيات أُخرى تدلّ على عالمية رسالته واستمراريتها ذكرنا بعضها في البحوث السابقة.