ثمّ إنّه لا بدّ من الإشارة إلى حقيقة مهمة وهي انّه ليس من الصحيح الاكتفاء في تفسير القرآن بآية واحدة واعتبارها هي المعيار والمقياس الأساسي للحق أو الباطل وغضّ النظر عن الآيات الأُخرى ، بل الحقيقة إنّ آيات القرآن الكريم يفسر بعضها بعضاً ويبيّن بعضها البعض الآخر ، ولأمير المؤمنين عليهالسلام عبارة ذهبية ينبغي على جميع المفسّرين والراغبين في معرفة المفاهيم القرآنية هضمها واعتمادها منهجاً أساسياً في التفسير وبيان الحقائق القرآنية حيث يقول عليهالسلام : «وينطق بعضه ببعض ، ويشهد بعضه على بعض». (١)
ونحن حينما ندرس الآيات الأُخرى التي تتعلّق برسالة النبي الأكرم نجدها تعلّق هداية ونجاة أهل الكتاب على شرط واضح ، وهو انّ هذه الهداية والنجاة مشروطان باعتناق الدين الإسلامي والعمل وفق شريعة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حيث يقول سبحانه في هذا المجال : (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا ...). (٢)
وحينئذٍ لا بدّ من العودة لمعرفة عقيدة المسلمين وأنّهم بأيّ شيء آمنوا وما هو كتابهم لنرى هل اليهود والنصارى حقّقوا ذلك الشرط أو لا؟
إنّ المسلمين يؤمنون أنّ الرسول هو خاتم الأنبياء والرسل وبه أوصد باب النبوّات يقول سبحانه :
(... وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ ...). (٣)
كذلك يعتقدون أنّ الرسول الأكرم قد جاء برسالة شاملة وشريعة كاملة وعالمية ، وأنّ شريعته أكمل الشرائع ، وأنّ كتابه خاتم الكتب والمهيمن والرقيب
__________________
(١). نهج البلاغة ، الخطبة ١٩٢ ، طبعة عبده.
(٢). البقرة : ١٣٧.
(٣). الأحزاب : ٤٠.