الرشيدة والحكيمة أن تطوي الطريق لنيل السعادة في الدارين.
وبعبارة أُخرى : انّ مجال وإطار عمل الأنبياء والرسل باعتبارهم حاملين للنبوة والرسالة، هو تبيين الأحكام والتذكير ، ولكن عند ما يصلون إلى مقام الإمامة تقع على كاهلهم مسئولية خطيرة جداً ، وهي تربية الإنسان الجاهل وتأمين جميع مستلزمات البشرية في جميع الأقسام ، ولا ريب أنّ القيام بهذه المهمة الصعبة والخطرة للغاية لا يمكن أن يتحقّق ما لم يتوفر النبي الإمام على مجموعة من الصفات التي منها التحلّي بالصبر والاستقامة والثبات وتحمّل المصاعب والعناء وشدّة المحن في سبيل الله تعالى ، ومن هذا المنطلق نرى إبراهيم لم ينل مقام الإمامة إلّا بعد أن طوى سلسلة من الامتحانات الصعبة والاختبارات العسيرة التي خرج منها مرفوع الرأس بعد أن ثبت وقاوم وصبر وسيطر على نفسه وتحمل ما يعجز اللسان عن وصفه.
وعلى هذا الأساس يكون القيام بمهام الإمامة ـ الملازمة لكم هائل من العقبات والمشاكل المعقدة والمقترنة أيضاً بالمصائب والفتن ومجاهدة الأهواء والغرائز والميول والتي تستدعي الاحتراق والفناء في هذا الطريق ـ بحاجة إلى درجة عالية من العشق الإلهي والذوبان في الحب الإلهي ، وإلّا فلا يمكن بحال من الأحوال أن يوفق النبي أو الرسول للقيام بتلك المهمة الصعبة ، ولذلك نجد النبي إبراهيم عليهالسلام مُنح هذا المقام السامي في أُخريات حياته الشريفة.
ثانياً : انّ الهداية التي تحصل من الأنبياء والرسل لا تحتاج إلى شيء غير التذكير وبيان الطريق ، والحال انّ الهداية الحاصلة من الإمامة تتحقّق من خلال الإيصال إلى المقصد المطلوب ، يعني أنّ الإمام في الواقع ينفذ إلى باطن الإنسان وروحه وأحاسيسه ومشاعره بحيث يهيمن على قلب الإنسان ويسري في