دمه وعروقه ويهديه من خلال هذا الطريق. فالإمام كالشمس التي تسطع بأشعتها لتبعث الحياة في النباتات وتؤثر في نموها وازدهارها ، كذلك الإمام يفعل فعله في القلوب المستعدة ليوجد فيها حالة من الانقلاب والتحوّل الكامل.
إنّ الإمام وفي ظل القدرة الإلهية والوحي الإلهي ، يخرج القلوب المستعدة والمتهيئة من الظلمات إلى النور ، وهذا المقام السامي مُنح لإبراهيم عليهالسلام ولأمثاله من الأنبياء بعد اجتياز سلسلة من الاختبارات الصعبة التي ولّدت فيهم تلك الروح القوية والقدرة العجيبة في التأثير.
فالإمام ـ وفقاً لهذه النظرية ـ يعد من مجاري الفيض الإلهي ، بل من علل وصول الفيض الإلهي (الهداية) إلى الناس ، فكما أنّ الفيض المادي يحتاج إلى سلسلة من المجاري والعلل المادية ، كذلك الفيض المعنوي ـ وهو الهداية التكوينية ـ يحتاج إلى سلسلة من المجاري والعلل ، ولا ريب أنّ هذا النوع من الهداية الذي يرتبط بمواهب وكفايات خاصة خارج عن إرادته واختياره ، إذ انّ النفوس المستعدة تنجذب بصورة قهرية إلى هداية الإمام وتدخل في إطار الهداية التكوينية.
الخلاصة : الأنبياء باعتبارهم يمتلكون خاصية الهداية التشريعية بحيث يستطيعون هداية المجتمع من خلال تبليغ الرسالة وإرشاد الناس وبيان الأوامر والنواهي فمن هذه الجهة يطلق عليهم وصف «النبي» ، ولكن من جهة امتلاكهم القدرة على الهداية التكوينية وكونهم السبب في كمال وسعادة الإنسان وتصرفهم في قلوب ونفوس الناس وجذبهم إلى محيط الهداية التكوينية ، يطلق عليهم من هذه الجهة وصف «الإمام». (١)
__________________
(١). منشور جاويد : ٥ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣.