وقال تعالى في خصوص النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : (فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ* لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ). (١)
فهاتان الآيتان وبالإضافة إلى قوله تعالى : (... فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (٢) ، تشيران ـ بالإضافة إلى ما قلنا سابقاً من أنّ النبي لا يأمر ولا ينهى من تلقاء نفسه ـ إلى حقيقة أُخرى وهي : انّ حقيقة دور الأنبياء ودعوتهم هو الإرشاد والهداية.
إنّ الأنبياء الإلهيّين حينما يتحركون في دائرة النبوة والرسالة يسعون وبجد للهداية وبيان الخطوط الحمراء للشريعة والنواهي والأوامر الإلهية ، وبيان طريق السعادة والفلاح للناس منطلقين في ذلك كلّه من تلقّي الوحي والأوامر الإلهية ، وليس لهم في هذا المجال نظر ورأي بصورة مستقلّة عن الوحي وكلّ ما يقولونه ويفعلونه هو كلام الله وأوامره ، فهم في الواقع ترجمان للوحي الإلهي.
وفي الحقيقة انّه لا يوجد في هذه الساحة إلّا هاد ومرشد واحد وقائد متفرّد وهو الله سبحانه وتعالى ، وانّ سلسلة الأنبياء والرسل مأمورون له سبحانه ، وانّ من ينقاد في هذه الأُمّة ويؤمن فإنّما ينقاد له سبحانه ويؤمن به ، وكذلك من يعصي ويتمرد ويكفر فإنّما يكفر بالله سبحانه ويتمرّد عليه سبحانه وليس للأنبياء طاعة ولا عصيان خاص بهم بصورة مستقلة ، وقد عبّر القرآن عن هذه الحقيقة بقوله :
(مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ...). (٣)
وذلك لأنّ الآمر الحقيقي هو الله ، والرسول متلقٍّ لكلامه سبحانه ومترجم
__________________
(١). الغاشية : ٢١ ـ ٢٢.
(٢). المائدة : ٩٢.
(٣). النساء : ٨٠.