لوحيه.
وأمّا قوله سبحانه : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ ...). (١)
فلا يعني أنّ للنبي أو للرسول إطاعة وعصياناً مستقلاً عن إطاعة الله ومعصيته سبحانه ، بل أنّ جملة (بِإِذْنِ اللهِ) تشير إلى أنّ الرسول ليس هو المطاع الواقعي ، بل المطاع الواقعي هو الله سبحانه وتعالى ، وإطاعة الرسول تبعاً لإطاعة الله.
وإذا أردنا أن نعبّر عن هذه الحقيقة بمصطلح علمي لا بدّ من القول : إنّ إطاعة الله سبحانه لها موضوعية ، وأمّا إطاعة الرسول فمأخوذة على نحو الطريقية ، ونحن إنّما نطيع الرسول لأنّ إطاعته هي عين إطاعة الله سبحانه وطريق إليها لا أنّها شيء آخر.
إلى هنا تبين لنا المعنى الحقيقي للفظ النبي والرسول ، وقد حان الوقت لبيان المقام المعنوي الآخر الذي ينتظر هاتين الطائفتين ، فكلّما أُدخل النبي والرسول بوتقة الاختبار وتعرض لسلسلة من الاختبارات والابتلاءات الصعبة بحيث استطاع أن يرتقي بكمالاته واستعداداته من مرحلة القوة إلى الفعلية ، ويصل في مجال العشق الإلهي إلى مرحلة الذوبان والوله ، بدرجة يهيمن العشق الإلهي على قلبه وأحاسيسه ومشاعره ويفرغ قلبه من كلّ شيء إلّا الله سبحانه ، فحينما يصل إلى هذه المرحلة من العشق والذوبان المطلق في الذات الإلهية يجتبيه الله سبحانه وينصبه لمقام إدارة أُمور الأُمّة بالإضافة إلى مقامي تلقي الوحي والتبليغ والتبشير والإنذار ، وهذا المقام هو مقام الإمامة الذي يمتلك من خلاله حق الأمر والنهي والتكليف والردع وإدارة المجتمع بالصورة الصحيحة ليوصله
__________________
(١). النساء : ٦٤.