الشريف يسد الخلل الذي يحصل في تلك المجالات. وها نحن نشير و ـ حسب الترتيب ـ إلى تلك الوظائف بصورة إجمالية :
ألف. لقد كان النبي مبيّناً لأحكام جميع المسائل المستحدثة التي تحتاجها الأُمّة.
ولا ريب أنّ هذه الحاجة استمرت بعد رحيله صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث تواجه الأُمّة دائماً مسائل مستحدثة الأمر الذي يقتضي وجود شخصية تستطيع أن تبيّن للأُمّة أحكام تلك المسائل المستجدة التي لم تقع في زمن الرسول لكي يوضح صلىاللهعليهوآلهوسلم أحكامها ، وقد واجهت الأُمّة بالفعل الكثير من تلك المسائل التي تحيّرت في حلّها ، ولذلك أخذت الأُمّة تشرّق وتغرّب باحثة عمّن يضع لها العلاج الناجع والحل النافع فالتجأت إلى أدلّة ظنيّة وتخيّلات لم تزدها إلّا حيرة وضياعاً.
ب. لقد كان النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم في حال حياته المباركة يقوم بتوضيح وتفسير قسم من الآيات وبيان الأبعاد المختلفة للقسم الآخر منها ، وكان يسد بذلك حاجة المسلمين ، لكن بقيت هذه الحاجة تلازم المسلمين بعد رحيله حتّى أنّهم انقسموا في تفسير قسم من الآيات ، بل اختلفوا حتّى في الآيات التي تتعلّق بالوضوء وحدّ السارق والفرائض اختلفوا اختلافاً شديداً.
ج. كما كان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يتصدّى للرد على الشبهات والإشكالات التي يثيرها اليهود والنصارى وبقية الأقوام والملل القاطنة في المدينة أو الذين يتردّدون عليها. ويشهد على ذلك وبصورة جلية الآية التي تدلّ على إبطال ألوهية المسيح عليهالسلام (١) ، ولقد بقيت هذه المهمة على قوتها بعد رحيل الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث انحدر إلى المدينة سيل من الشبهات والإشكالات التي أثارها أحبار اليهود
__________________
(١). آل عمران : ٥٩.