وقساوسة النصارى وغيرهم ، وانّ تاريخ الخلفاء وعجز الكثير من أصحاب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الإجابة عن تلك الإشكالات وردّ الشبهات شاهد صدق على بقاء تلك الحاجة وبقاء تلك الثغرة التي تركها رحيل الرسول مفتوحة.
د. انّ مسألة حفظ وصيانة الرسالة الإسلامية من التحريف والوضع والجعل التي انبرى للقيام بها قلّة من الوضّاعين والمغرضين ، لا يمكن تجاهلها والمرور عليها مرور الكرام ، فلقد كانت محاولة الوضع والتحريف في زمن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم موجودة بصورة أو أُخرى. ولكنّها راجت بصورة أكبر بعد رحيله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الرفيق الأعلى.
ومن الطبيعي أنّ كلّ محاولة للتحريف والجعل كانت تمنى بالفشل الذريع من خلال مراجعة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والتصدّي من قبله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمعالجة المشكلة ، ولكن بعد رحيله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعدم وجود الشخص المعصوم ـ أو بعبارة أُخرى عدم رجوع الأُمّة إلى الإمام المعصوم الذي ينبغي الرجوع إليه ـ الذي يمكن من خلاله حلّ المشكلة والقضاء على كلّ محاولات التحريف والوضع وتمييز الحقّ عن الباطل والصحيح عن السقيم ، أوجد في المجتمع الإسلامي مشكلة كبرى بحيث تمكن تيار الدس والوضع من زرق الكم الهائل من الأحاديث والروايات المجعولة في مصادر التراث الإسلامي بحيث تمكّنت أن تقلب وجهة تاريخ الحديث في صدر الإسلام.
ثمّ إنّ مسألة التحريف لم تقتصر على مجال الحديث والرواية ، بل أنّ نشوء الفرق المختلفة بعد رحيله صلىاللهعليهوآلهوسلم والتي يشهد عليها تاريخ الملل والنحل ، يُعدّ دليلاً واضحاً على وجود عملية التحريف في مجالي الأُصول والفروع بحيث لم يمر على رحيله صلىاللهعليهوآلهوسلم فترة طويلة إلّا والمسلمون انقسموا إلى فرق ومذاهب مختلفة وصلت إلى ما يربو على ٧٢ فرقة ، أو أكثر من ذلك ، واحدة منها ـ هي الناجية ـ على الحقّ