عرّف اللغوي المعروف والمشهور ابن فارس «الرجس» ب «القذارة» حيث قال : هو القذارة الأعم من المادية والمعنوية. (١)
ولقد ذكرت هذه اللفظة في الذكر الحكيم ثمانية مرات ووصفت بها أشياء متعدّدة هي: الخمر ، والميسر ، والأنصاب ، والأزلام ، والكافر ، والميتة ، والدم المسفوح ، ولحم الخنزير ، والأوثان ، وقول الزور (٢). وإلى غير ذلك من الموارد.
ويمكن القول ومن خلال ملاحظة مجموع الآيات : إنّ «الرجس» يساوي «القذارة» التي تستنفر منها النفوس ، سواء كانت هذه القذارة مادية كالدم والميتة ، ولحم الخنزير ؛ أو كانت معنوية ، كما هو الحال في القمار والكافر وعابد الوثن ووثنه ، فهذه وإن كانت في الظاهر نظيفة ولكن بالالتفات إلى المفاسد الكامنة في القمار وعبادة الوثن وعقائد الكافر اعتبرت جميع تلك الموضوعات من «الرجس».
ولا شكّ أنّ المقصود من «الرجس» الوارد في الآية الكريمة ليس هو القذارة المادية الظاهرية ، بل المقصود هو الأعمال القبيحة عرفاً أو شرعاً ، أي القذارة المعنوية الموجودة في الكافر والعاصي ، سواء كانت المعصية صغيرة أو كبيرة ، وهذا يساوي الذنب وعدم الطاعة لا غير وإنّ تنزّه الإنسان وطهارته من هذه القذارة يلازم العصمة والصيانة من الذنب.
والشاهد على ذلك جملة : (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) التي وردت تأكيداً لقوله : (لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) وهذه الجملة قد وردت في القرآن الكريم بمعنى التطهير والتنزيه من الذنب والصيانة من كلّ أنواع المخالفة حيث قال تعالى :
__________________
(١). المقاييس : ٢ / ٤٩.
(٢). انظر المعجم المفهرس لآيات القرآن ، مادة «رجس».