(إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ). (١)
ولا ريب أنّ هذا التطهير يساوي الطهارة من القذارات الروحية والمعنوية الملازم للعصمة.
وبالطبع انّ «التطهير» له مراتب ودرجات كثيرة وليست جميع مراتبه ملازمة للعصمة، كما قال سبحانه وتعالى بخصوص مسجد قبا والمصلّين فيه :
(... فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ). (٢)
وبما أنّ الآية قد نَفَتْ القذارة بنحو مطلق حيث جاءت لفظة (الرِّجْسَ) مقترنة بالألف واللام ، وهذا يعني : أنّ المنفي في الآية هو عموم الرجس ، وذلك لأنّ المنفي جنس الرجس لا نوعه ولا صنفه ، ومن المعلوم أنّ نفي الجنس يلازم نفي الطبيعة مطلقاً أي بعامة مراتبها ، ولأجل ذلك لم يكتف سبحانه بقوله : (لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) بل أكّده بقوله: (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، وهذا يلازم العصمة بلا ريب وبلا شكّ ، إذ لو كان المراد نفي مرتبة من مراتب الرجس كالمعاصي الكبيرة لما كان لنفي «الرجس» بنحو نفي الجنس معنى ، وكذلك لا معنى حينئذٍ لتأكيد ذلك بجملة (يُطَهِّرَكُمْ).
والحاصل : انّه يمكن الاستدلال بدليلين أنّ المنفي في الآية مطلق القذارة المعنوية الأعم من الصغيرة والكبيرة عن أهل البيت عليهمالسلام ، وذلك :
١. انّه قد نفيت عنهم طبيعة «الرجس» و «القذارة» ، ومن المعلوم أنّ نفي الجنس يلازم نفي جميع المراتب والأفراد.
٢. انّ نفي الرجس والقذارة قد أُكد بجملة : (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ومن
__________________
(١). آل عمران : ٤٢.
(٢). التوبة : ١٠٨.