والمهم هو أن تكون الجملة أو الآية المعترضة لها تناسب مع ما قبلها وما بعدها ، وهذا التناسب موجود بين قوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ ...) وما قبله وما بعده من الكلام ، وذلك بالبيان التالي :
إنّ مطالعة مجموع الآيات ٢٨ إلى ٣٣ من سورة الأحزاب يرشد إلى أنّ الله سبحانه قد خاطب نساء النبي بلحن حاد واسلوب شديد ، وطلب منهن العمل بالمسئولية الكبرى والوظيفة الثقيلة الملقاة على عاتقهن حيث قال تعالى :
١. (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا ...).
٢. (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ ...).
٣. (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ...).
٤. (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى ...).
في أثناء هذه الخطابات الإرشادية والمنبّهة ينتقل سبحانه وتعالى للحديث عن عصمة أهل البيت وطهارة العترة الطاهرة ليتسنّى من خلال هذا الطريق عرض نماذج التقوى ورموز الفضيلة الذي ينبغي لنساء النبي أن يقتدين بهم باعتبارهم أُسوة وقدوة ، وهذا يعني أنّ الله سبحانه وتعالى ينبه زوجات النبي على أنّ حياتهنّ مقرونة بحياة ثلّة طاهرة من أهل البيت طاهرة من الرجس ومطهرة من الدنس وانّها في قمة التقوى والعصمة والمصونية من الذنب ، ولذلك فمن اللائق والجدير بهن الحفاظ على شئون هذه القرابة ومراعاة ذلك الجوار الطاهر من خلال الابتعاد عن المعاصي والتحلّي بكلّ الفضائل والتقوى والطهارة ، وانّ الانتساب إلى هذه المجموعة هو في الواقع سبب لمضاعفة المسئوليات والوظائف الواجبة عليهن ، ولذلك نجده تعالى يخاطبهن بقوله : (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ