الرأي العام يوم ذاك في شأن نزول الأُمّة هو نزولها في حق فاطمة ، وانّما تفرّد هو بذلك ، ولأجله رفع عقيرته في السوق بقوله : ليس بالذي تذهبون إليه وإنّما هو نساء النبي. أضف إلى ذلك : انّ تخصيص هذه الآية بالنداء في السوق وانّها نزلت في نساء النبي يعرب عن موقفه الخاص بالنسبة إلى من اشتهر نزول الآية في حقهم ، وإلّا فالمتعارف بين الناس هو الجهر بالحقيقة بشكل معقول لا بهذه الصورة المعربة عن الانحراف عنهم.
هذا كله حول ما نقل عنه ، وأمّا تحليل شخصيته وموقفه من الأمانة والوثاقة ، وانحرافه عن علي وانحيازه إلى الخوارج وطمعه الشديد بما في أيدي الأُمراء فحدث عنه ولا حرج ، ولأجل إيقاف القارئ على قليل مما ذكره أئمّة الجرح والتعديل في حقه نأتي ببعض ما ذكره الإمام شمس الدين الذهبي نقّاد الفن في كتابيه : «تذكرة الحفاظ» ، و «سير أعلام النبلاء» ، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى كتب الجرح والتعديل.
نقل الإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفّى ٧٤٨ ه في «سير أعلام النبلاء» هذه الكلمات في حق عكرمة :
١. قال أيوب : «قال عكرمة : إنّي لأخرج إلى السوق فأسمع الرجل يتكلّم بالكلمة فينفتح لي خمسون باباً من العلم ...» ما معنى هذه الكلمة؟ وهل يقولها إنسان يملك شيئاً من العقل والوقار؟!
٢. قال ابن لهيعة : وكان يحدّث برأي نجدة الحروري (١) وأتاه ، فأقام عنده ستة أشهر ، ثمّ أتى ابن عباس فسلّم ، فقال ابن عباس : قد جاء الخبيث.
__________________
(١). هو نجدة بن عامر الحروري الحنفي من بني حنيفة رأس الفرقة النجدية ، انفرد عن سائر الخوارج بآرائه.