وبدل أن نرى كوكب يوسف عليهالسلام يبحث عن شمس يعقوب نرى أنّ شمس يعقوب تطرق الأبواب باباً باباً لتبحث عن كوكبها الضائع يوسف عليهالسلام.
فلما ذا يكون إظهار هذه العلاقة في حال حياة الولد (يوسف) جائزاً ومشروعاً ومطابقاً لأُصول التوحيد بينما إذا مات عُدَّ شركاً؟!
فإذا اتّبع أحد طريق يعقوب فبكى يوسفه وعدّد خصاله الحميدة وأثنى على صفاته الجميلة وأذرف الدموع بسبب فقده ، فلما ذا لا يُعدُّ عمله اقتداء وتأسّياً بيعقوب عليهالسلام ويُعدُّ عبادة لمن فقده وشركاً بالله؟! (١)
لا ريب في أنّ مودة ذوي القربى هي إحدى الفرائض الإسلامية التي دعا إليها القرآن بأوضح تصريح ، فلو أراد أحد أن يقوم بهذه الفريضة الدينية بعد أربعة عشر قرناً فكيف يمكنه؟ وما هو الطريق إلى ذلك؟ هل هو إلّا أن يفرح في أفراحهم ويحزن في أحزانهم؟
فإذا قام أحد ـ لإظهار سروره ـ مجلساً يذكر فيه حياتهم وتضحياتهم ، أو يبيّن مصائبهم وما جرى عليهم من الظلم وغصب حقوقهم ، فهل فعل إلّا إظهار المودة المندوب إليها في القرآن الكريم؟!
وإذا زار أحدٌ ـ لإظهار مودّة أكثر ـ قبور وأضرحة أقرباء الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبنائه الطاهرين وأقام مثل تلك المجالس عند القبور الطاهرة ، فإنّه بلا شكّ ولا ريب في نظر عقلاء العالم والمفكّرين من ذوي البصيرة وبعد النظر لم يفعل إلّا إظهار التقرب والمودّة لهم وليس عمله عبادة وشركاً إلّا أن يدّعي الوهابيون أنّه من الواجب أن تحبس العواطف والأحاسيس والمودة والحبّ في صدور أصحابها ولا
__________________
(١). إضافة إلى ذلك ، وردت روايات متواترة في موضوع إقامة مراسم العزاء وأحياء ذكرى آل رسول الله المظلومين ، وقد ذكر العلّامة الأميني قسما من تلك الروايات في كتابه «سيرتنا وسنتنا».