بواجبة على الإطلاق بالاتّفاق ، واعتذر عنه تارة بأنّ المنصرف إليه من هذا اللفظ هو الواجب المطلق ، واخرى بأنّه شامل للقسمين ، ومع ذلك لا محذور في البين ؛ إذ المراد أنّ وجوب المقدّمة على نحو وجوب ذيها ، إن مشروطا فمشروط وإن مطلقا فمطلق هل يلازمه وجوب ذيها أولا؟
ومن هنا أشكل عليهم الأمر في بعض الموارد مثل وجوب الغسل للصوم قبل طلوع الفجر ، ووجوب المشي إلى العرفات قبل الزوال للوقوف الواجب فيها من الزوال إلى الغروب، ومثل وجوب مقدّمات الحجّ قبل الموسم إلى غير ذلك.
ولهم في التفصّي عن ذلك وجهان :
الأوّل : أنّ ما توهّم كونه مقدّميّا في تلك الموارد واجب نفسي وإن كان الغرض والحكمة في أنحائها هو التوصّل بها إلى واجب آخر ؛ فإنّ ذلك ليس مناط الوجوب المقدّمي، وإنّما مناطه كون وجوب الواجب معلوما لوجوب واجب آخر ومستفادا منه.
الثاني : أنّ للواجب ثلاثة اقسام ، الأوّل : الواجب المشروط ، والثاني : الواجب المطلق وهو منجّز إن كان ظرف الوجوب والواجب متّحدا ، ومعلّق إن كانا منفكّين ، وعلى هذا فالصوم مثلا يتعلّق وجوبه بالمكلّف من أوّل الليل وإن كان ظرف حصوله من أوّل النهار.
نعم هو بالنسبة إلى اليوم السابق مشروط ، ولهذا لا يجب الغسل في اليوم السابق للصوم في اليوم اللاحق ، ولكن يجب في الليل للصوم في النهار ، وذكر في توضيح هذا الوجه ما حاصله : إنّ الزمان كالمكان ، فكما أنّه يمكن اعتبار الثاني في القضيّة على نحوين الأوّل : أن يكون الطلب بالنسبة إليه مطلقا بأن يكون الصلاة في المسجد مثلا واجبة ، بحيث وجب على المكلّف أوّلا دخول المسجد ثمّ الصلاة فيه ، الثاني : أن يكون مشروطا بالنسبة إليه يعنى تكون الصلاة واجبة على تقدير دخول المسجد ، وفي مقام الإثبات يكون العبارة الحاكية عن النحو الأوّل : «صل في المسجد» والعبارة الحاكية عن الثاني : «إذا دخلت المسجد فصلّ فيه» فكذلك يمكن اعتبار الأوّل أيضا على الوجهين ، فتكون الحكمة داعية تارة إلى إيجاب الفعل مطلقا بالنسبة