تحكي عن حالة موجودة في النفس فعلا ، والفرق بينهما أنّ هذه الحالة حكاية عن ثبوت نسبة قضيّتها في الاخبار ولا يكون حكاية عن ثبوت نسبة قضيّتها مع إمكان أن يكون حكاية عن شيء آخر في الإنشاءات ، مثلا هيئة اضرب أمارة على الإرادة النفسانيّة ، وهذه الإرادة ليس سنخها الحكاية عن ثبوت نسبة الضرب إلى المخاطب في الخارج كالتحريم في قولنا : ضربت ، بل سنخها العليّة والاقتضاء لحصول هذه النسبة ، ضرورة أنّ الإرادة الآمريّة مع انقياد العبد وتمكّنه علّة تامّة لحصول الفعل في الخارج ، نعم يكون حكاية عن ثبوت المنفعة في الضرب مثلا ، فلو كان المتكلّم بصيغة الأمر غير مريد للفعل كانت الصيغة مهملة غير مستعملة في معنى أصلا.
دفع إشكال : الإرادة عبارة عن البناء القلبى على وقوع الفعل منه إن كان فاعليّا أو من غيره إن كان آمريّا وهو أمر غير العلم بالصلاح والنفع وغير الحبّ بالفعل ، نعم يحصل عن هذين أحيانا ؛ فلهذا لا يمتنع ايجاد الإرادة كما هو لازم من عرّفها بالعلم ، بل يمكن كالتحريم ، ويجتمع مع عدم محبوبيّة المراد.
فاعلم أنّه كما قد تكون الإرادة موجودة من جهة المبادي الموجودة ، في المتعلّق كأن يعلم بوجود المصلحة في الفعل الفلاني ولا يكون له مزاحم فيحصل الحبّ والشوق والميل إليه في النفس ، فينتهي هذا الميل إلى عقد القلب على إيقاع هذا الفعل في الخارج الذي يعبّر عنه بالعزم والإرادة ، كذلك قد يوجد لأجل المبادي الموجودة في نفسها ، فيكون حالها حال الفعل الخارجي ، فكما أنّه يوجد من جهة المبادي الموجودة في نفسه فكذا هذه.
والدليل على ذلك أنّه لو قيل لأحد : امش من هذا المكان إلى المكان الفلاني بالإرادة اعطك عشرة آلاف دنانير بحيث لو صدر منك المشي بلا إرادة لم أعطك ، و