الاستغراقي أولا؟ ، الظاهر الأوّل ؛ فإنّ استعماله حينئذ في الجنس وإن كان صحيحا واقعا كما في : فلان يركب الخيل ، و (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ) الآية ، إلّا أنّ الظاهر الأوّلي منه عند الإطلاق هو الاستغراق ، وهل هذا بواسطة وضع اللام للاستغراق أو المركّب منه ومن الجميع أو أنّه مستفاد بمعونة دلالة اللام على الإشارة؟ لكل قائل.
والثالث لصاحبي التعليقة والفصول قدسسرهما ، فذهبا إلى أنّ إفادة الجمع المعرّف للعموم ليست من جهة وضعه له بالخصوص ، بل من جهة دلالة اللام على الإشارة ، ومن المعلوم اقتضائها لمشار إليه معيّن ، فلا محالة تكون عند انتفاء القرائن ظاهرة في الإشارة إلى ما دلّ عليه صريح مدخوله ، ولمّا كان وضع الجمع بإزاء خصوص المراتب من الثالثة إلى ما فوقها وليس شيء من المراتب ممّا دون الجميع بمتعيّن ، بل كلّ منها يتطرّق فيه الاختلاف الكثير من جهة صدقه على كثيرين مختلفين ، وأمّا الجميع فهو كالشخص الواحد متعيّن لا اختلاف فيه ، كانت الإشارة إلى الجميع لا محالة لتعيّنه وعدم الإبهام فيه المنافي للتعيين والتعريف دون غيره من المراتب ؛ إذ لا معروفيّة لها عند العقل حتّى يشار إليها.
ومنها : النكرة ، ولها استعمالان ، فتارة يستعمل في معنى له تعيين في الواقع كما في «وجاء رجل من أقصى المدينة» غاية الأمر أنّ هذا المعنى تارة يكون عند المتكلّم معلوما ويخفيه على المخاطب ، واخرى يكون عنده أيضا مردّدا ، كما لو رأى الشبح من بعيد ولم يعلم أنّه زيد أو عمرو أو غيرهما من أفراد الرجل ، وثالثة يكون عنده وعند المخاطب جميعا معلوما والمقصود إخفائه على ثالث ، وهذا المعنى له احتمال الصدق على كثيرين ، لكن على البدليّة لا في عرض واحد ، بمعنى أنّه في حال يحتمل صدقه على زيد غير صادق على غيره ، وفي حال يحتمل كونه عمروا أيضا لا يصدق على غيره ، وهكذا إلى آخر الأفراد ، فلا يصدق في حال الصدق الاحتمالي على كلّ على غيره ، فهذا المعنى جزئي بلا إشكال.
واخرى يستعمل في معنى صادق على كثيرين في عرض واحد كما في جئني