هو الطبيعة المهملة غير دخيل ، وهذا معنى الإطلاق.
فنقول : إنّ القيد لو كان هو المتيقّن من المطلق ـ ككون عدم نقض اليقين بالشكّ في باب الوضوء متيقّنا من قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشك» ؛ فإنّه ورد جوابا عن السؤال عن الخفقة والخفقتين هل يبطل الوضوء بسببها أولا ـ لا يلزم من إرادته مع عدم التنبيه عليه في اللفظ نقض للغرض ؛ فإنّ المتكلّم الكائن في مقام البيان ليس عليه إلّا الإتيان بما هو صريح في تمام مراده أو ظاهر ، وبعبارة اخرى الإتيان بالكاشف لتمام ما هو مراده بحيث لم يبق جزء من مراده بلا كاشف ، وإذا فرض أنّ المتيقّن من اللفظ المطلق في ذهن المتخاطبين معا هو القيد والمفروض أنّ المقيّد به تمام المراد فقد أتى بالكاشف بإزاء تمام المراد من دون خفاء جزء منه.
فإذا كان تمام المراد عدم نقض اليقين بالشكّ المقيّد بباب الوضوء ، وكان ذات المقيّد مدلولا عليه باللفظ ، وكان القيد مفهوما أيضا من باب كونه قدرا متيقّنا ، فقد سلم المتكلّم عن نقض الغرض وإن لم يصرّح بهذا القيد في كلامه ، وهذا بخلاف القيود الأخر أعني ما ليس متيقّنا كالسواد والبياض وطول القامة وقصرها بالنسبة إلى مفهوم الرجل ، فإنّه لو كان المراد هو الرجل المقيّد بواحد منها ولم يصرّح باللفظ الدالّ عليه لما كان المراد معلوما للمخاطب ؛ فإنّ جميع القيود ما أراده منها وما لم يرده يكون في عرض واحد ونسبة المطلق إليها على السواء ، فإرادة بعضها بدون إقامة الكاشف إخفاء لبعض المراد ونقض للغرض.
وعلى هذا فليس للمخاطب تعدية الحكم في صورة وجود القدر المتيقّن إلى غير مورد وجوده ، فلا بدّ أن لا يعمل بحديث عدم نقض اليقين بالشكّ في غير باب الوضوء من الأبواب ، إذ لو عمل به في غيرها وكان المراد واقعا مقيّدا بباب الوضوء فعاتبه المولى على ذلك لم يكن له في قبال المولى حجّة وبرهان ؛ فإنّ غاية ما يحتجّ به عليه أنّك كنت في مقام بيان تمام المراد وأتيت باللفظ مطلقا ، وما صرّحت بالقيد في كلامك ولم يكن في البين انصراف ، ولازم ذلك كلّه كون المطلق هو المراد بدون دخل شيء آخر ؛ إذ دخله مناف لكونك في مقام البيان وعدم الإتيان بالكاشف