الضرر المحتمل أو الموهوم أو المظنون عليها ، فارتكاب بعض الأطراف ليس بعصيان وإنّما هو مخالفة لحكم العقل بوجوب الموافقة القطعيّة لوجوب دفع الضرر.
ومخالفة هذا وإن كان قبيحا أيضا إلّا أنّ قبحه ليس على وجه البتّ ، بل هو معلّق على عدم وجود المؤمّن إمّا من الشرع أو العقل في أحد الأطراف ، وترخيص المولى في ارتكاب بعض الأطراف مؤمّن عن خوف الوقوع في الضرر من جهة هذا الارتكاب ورافع لموضوع حكم العقل وهو الخوف ، فالقبح في مخالفة حكم العقل بوجوب الامتثال القطعى بارتكاب بعض الأطراف حكم تعليقى يرتفع بورود الترخيص من المولى ، والقبح في العصيان حكم بتّي لا يرتفع بالترخيص ، فلهذا لا يجوز الترخيص في مخالفة العلم التفصيلي ويجوز في مخالفة الإجمالي بالنسبة إلى بعض الاطراف.
وحينئذ فنقول : الظنون التي ورد النهي عن اتّباعها لا يخلو من حالين : إمّا تكون لازم الاتّباع بحكم العقل كما في الظنّ في حال الانسداد على تقدير تماميّة المقدّمات ، وإمّا تكون غير لازم الاتّباع بحكم العقل كما في الظن عند الانفتاح ، فإن كان من قبيل الثاني فلا إشكال في جواز الترخيص في مخالفته ، وإن كان من قبيل الأوّل فيجوز أيضا ؛ فإنّ قبح مخالفته معلّق على عدم ورود الترخيص ؛ فإنّ لزوم متابعة المظنونات في حال الانسداد إنّما هو لأجل العلم الإجمالي بورود تكاليف من الشرع وكونها مشتبهة بين امور بعضها مظنونات وبعضها مشكوكات وبعضها موهومات مع عدم تمكّن الاحتياط بموافقة الجميع أو عسره ، فإنّ هذا موجب للأخذ بالمظنونات وطرح الباقي ، فالأخذ بالظن وقبح مخالفته يكون لأجل التحفظ عن الوقوع في ضرر مخالفة التكليف المعلوم إجمالا ، والترخيص في ترك العمل بالظنون في تلك الحال مؤمّن وموجب للاستراحة عن الوقوع في هذا الضرر ، فلا تكون المخالفة قبيحة ، فلا يكون الترخيص ترخيصا في القبيح.
وأمّا المقام الثالث وهو عدم جواز الأمر المولوي بموافقة القطع والنهي المولوي عن مخالفته وإن كان الأوّل حسنا وواجدا للحسن الملزم والثاني قبيحا