الظن والبيّنة تكوينا ، هذا كلّه فيما إذا كان القطع جزء موضوع.
وأمّا إذا كان تمام موضوع فإن كان لمتعلّقه أثر آخر غير ما اخذ القطع تمام موضوعه فالأمارة والأصل يقومان مقامه ؛ إذ بلحاظ ذاك الأثر يصحّ التنزيل وبه يتحقّق مصداق الطريق ، فالصغرى أعني طريقيّة الأمارة تثبت به ، والكبرى أعني ثبوت الأثر الذي تمام موضوعه القطع لكلّ طريق معتبر بدليل هذا الأثر ، فكون الأمارة طريقا يثبت بالتنزيل ، وكون كلّ طريق حكمه كذا ثبت بدليل هذا الحكم ، وإن لم يكن لمتعلّقه أثر أصلا فلا يشمل دليل التنزيل إيّاه ، إذ هو بلحاظ الأثر ، وإذ ليس فليس ، فلا يقوم الأمارة والأصل مقام القطع ، فتبيّن أنّ قيام المقام مخصوص بموضع قابل له.
تتمّة : القطع بحكم لا يمكن جعله موضوعا لمثل هذا الحكم ولا لضدّه ، أمّا الأوّل فللزوم اللغويّة في الأمر والنهي المولويين كما تقدّم ، لا من جهة اجتماع المتماثلين ؛ إذ هو غير لازم لاختلاف الرتبة كما تقدّم أيضا ، وكذا في الثاني ليس الجهة لزوم التناقض لعدم لزومه باختلاف الرتبة ، بل الجهة لزوم الإذن في المخالفة وهو أيضا كالمخالفة في القبح.
مثلا القطع بوجوب موضوع لو صار موضوعا لوجوب آخر لهذا الموضوع فهذا لغو ، وإن صار موضوعا لحرمته لزم الإذن في ترك الواجب ، ولو لم يلزم أحد المحذورين فلا بأس كما في جعل القطع بإباحة شيء موضوعا لوجوبه أو حرمته أو استحبابه أو كراهته ، وكما في جعل القطع بالكراهة موضوعا للحرمة دون العكس ، أو جعل القطع بالاستحباب موضوعا للوجوب دون عكسه ، وفي مورد لزوم أحدهما لا بدّ من جعله موضوع الحكم على موضوع آخر مثل قولك : إذا قطعت بكون المائع خمرا وحراما فتصدّق بدرهم.
ثمّ إنّه يرد على المحقّق المذكور القائل بعدم قيام الأمارات مقام العلم المأخوذ على نحو الكشف والطريقية موضوعا النقض بالاصول العمليّة ؛ فإنّ غايتها العلم ، فقاعدة الطهارة مغيّاة بالعلم بالنجاسة ، وقاعدة الاستصحاب مغيّاة بيقين مثل