على الكثيرين ، فقوام وصف الكليّة بوصف التجريد ، فهو متقيّد بالتجريد واقعا ، وليس قيد التجريد ملحوظا معه بعنوانه ، وإلّا لزم أيضا جزئيته.
فكذلك في ما نحن فيه ، فالخمر مثلا مع وصف كونه بحيث يمتنع انطباقه على مشكوك الحكم يكون موجودا في ذهن الحاكم في النظرة الاولى ، وهذا ثابت له في خياله ولحاظه ، كيف وإلّا لما أمكن تعلّق المبغوضيّة به ، فإنّ متعلّقها لا بدّ من أن يتجرّد من ذلك كما عرفت ، مع أنّ هذا الوصف غير ملحوظ بعنوانه.
وبعبارة اخرى : ما يتصوّر في الأوّل لا بدّ أن يكون موضوعا بلا حكم ، وما يتصوّر في الثاني موضوع مفروغ عن حكمه ، وكيفيّة كونه موضوعا بلا حكم في الأوّل دخيلة في مبغوضيّته ، ولا يعقل عروض المبغوضيّة عليه بدون هذه الكيفيّة ، كما أنّ كيفيّة تجريد الكلّي الطبيعي عن الخصوصيّات دخيلة في كليّته ، ولا يعقل عروض الكليّة عليه بدون هذه الكيفيّة.
وحينئذ فإذا تصوّرت الإنسان متجرّدا عن جميع الخصوصيّات فلا إشكال أنّه متّصف بالكليّة فتحكم عليه في اللحاظ الثانوي بأنّه كلّي ، ثمّ إنّك في قولك : زيد إنسان ما تصوّرت ولاحظت إلّا عين ما لاحظت وتصوّرت في اللحاظ الأوّل بلا نقيصة وزيادة ، فما وجه أنّ ملحوظك في الأوّل كلّي ، وأمّا ملحوظك في الثاني وهو الإنسان المخصوص في ضمن زيد جزئي وليس بكلّي؟ ، وهل هذا إلّا لأجل أنّ الأوّل في لحاظك متجرّد عن جميع الخصوصيات ومتكيّف بهذه الكيفيّة ، وفي الثاني يكون مقرونا معها ومتكيّفا بالاقتران؟.
فإن قلت : لكن مع ذلك لو تعلّق المبغوضيّة بالإنسان كانت متعلّقة بالزيد قطعا مع كونهما على الوصف الذي ذكرت من تضادّ الكيفيّة.
قلت الأعراض التي تعرض الجامع تكون على قسمين ، فبعضها تعرضه لا بوصف جامعيّته ولا بتوسيط الذهن ، وذلك مثل المبغوضيّة ونحوها ، وهذا يسري فيه إلى الأفراد ، وبعضها تعرضه بوصف جامعيته وبتوسيط الذهن كوصف أنّه يصدق على الكثيرين ، فهذا لا يسري منه إلى الأفراد.