كما أنّ أعراض الفرد أيضا على قسمين ، فبعضها تعرضه لا بفرديّته وتوسيط الذهن، وهذا يسري منه إلى الجامع ، وبعضها تعرضه بفرديّته وتوسيط الذهن كوصف أنّه لا يصدق على الكثيرين ، وهذا لا يسري منه إلى الجامع ، فمناط عدم سراية عرض أحدهما إلى الآخر تقوّم العرض بالوصف الذهني وكونه شرطا وواسطة في عروضه.
والحاصل أنّ هنا مطلبين ، الأوّل : أنّ العنوان الثانوي أعني المشكوك ليس محفوظا في الرتبة الاولى ، والثاني : أنّ العنوان الأوّلي غير محفوظ في الرتبة الثانية ، أمّا الأوّل فلأنّ كلّ عرض لا بدّ أن يكون الذات منسلخا في مرتبة عروضه عن هذا العرض ونقيضه ؛ لئلّا يجتمع المثلان ولا النقيضان ، فالجسم الأبيض إنّما يرد عليه البياض حال انسلاخه عن البياض ونقيضه ، والماهيّة في رتبة عروض الوجود عليها لا بدّ أن ينسلخ منه ومن العدم ، كيف وهو الموضوع وهما محمولاه ، ورتبة المحمول متأخرة عن الموضوع ، ففي رتبة الموضوع هو لا موجود ولا معدوم ، يعني له قابليّة الوجود والعدم.
فكذلك هنا أيضا عرض البغض في رتبة عروضه بالخمر لا بدّ أن يكون الخمر منسلخا عن البغض ونقيضه ومتكيّفا بالتجرّد عن الحكم ، فيمتنع أن يكون من أفراده مشكوك الحكم والمبغوضيّة وإن قلنا على تقدير كونه منها بسراية المبغوضيّة من عنوان الخمر إليه ، بناء على سراية الأعراض من العناوين إلى الجزئيات.
وإذن فلا يرى الناهي عن شرب الخمر في هذه الرتبة مشكوك الحكم حتى تقع المزاحمة والكسر والانكسار بينه وبين الخمر بحسب الحبّ والبغض ؛ فإنّ الحبّ والبغض أمران حاصلان في النفس كما مرّ ، فلا بدّ من تصوّر العنوان المحبوب مع الحالة المبغوضة في القوّة العاقلة حتى يحصل التنفّر ويحصل البغض ، وأمّا بدون تصوّرهما في الخيال فلا ، فالمزاحم الذي لا يتعقّل بل يغفل عنه لا يعقل تزاحمه في باب الحبّ والبغض ، فليسا كالحرارة والبرودة ، فالماء البارد والماء الحارّ لو اختلطا في الخارج وقع بينهما الكسر والانكسار ولا حاجة إلى التصوّر ، ولكن هنا ما لم يتصوّر حالة