في المقام ؛ لفرض كون الشارع حاكما بحيثية الشارعيّة في أحدهما وقطع النظر عن ذلك في الآخر وحكم بحيثية العاقليّة ، فافهم.
الوجه الثالث : أنّ المقام من فروع مسألة اجتماع الأمر والنهي في الشيء الواحد ؛ فإنّ هنا عنوانين أحدهما شرب الخمر مثلا ، والآخر اتّباع العادل ، فمورد النهي والمفسدة هو الأوّل ، ومورد الأمر والمصلحة هو الثاني ، وقد تقدّم في بابه أنّ تعدّد العنوان كاف في رفع غائلة اجتماع الحكمين المتضادّين في موضوع واحد وإن فرض اجتماع العنوانين في الوجود الخارجي.
لا يقال : إنّ من يجوّز الاجتماع بتعدّد العنوان إنّما يقول به إذا كان للمكلّف مندوحة كما في الصلاة والغصب ؛ فإنّ النهي وإن كان عن كلّ فرد من الغصب تعينيّا ، ولكن الأمر لا يقتضي كلّ وجود على التعيين ، بل أحد الوجودات ، فيمكن امتثاله بالصلاة في مكان مباح ، وهذا بخلاف المقام ؛ فإنّ المطلوب من المكلّف كلّ فرد من اتّباع العادل على التعيين، ففي المثال نهي تعييني عن شرب الخمر ، وأمر تعييني بشربه لكون العادل قد أخبر بوجوبه ، فعلم أنّ القائل بالجواز لا يقول به هنا لعدم المندوحة.
لأنّا نقول : لا فرق في رفع غائلة اجتماع المتضادّين بتعدّد العنوان بين صورة ثبوت المندوحة وصورة عدمها ، وتقييد الجواز بصورة ثبوتها ليس لأجل دخله في رفع هذا المحذور ، بل هو لأجل دفع محذور آخر وهو لزوم التكليف بما لا يطاق ، والعمدة في المقام رفع محذور اجتماع الضدين وهو حاصل بتعدّد الجهة عند مجوّز الاجتماع ، وأمّا محذور التكليف بما لا يطاق فقد عرفت جوابه وأنّه إنّما يلزم لو كان كلّ من التكليفين منجّزا في عرض واحد ، وليس كذلك في المقام ، هذا ما ربّما يقال في تقريب هذا الوجه.
وفيه أنّه لا بدّ في مبحث الاجتماع أن يكون قوام كلّ من الأمر والنهي بأحد العنوانين كما في الصلاة والغصب ، وليس كذلك في المقام ؛ فإنّ عنوان اتّباع العادل