يصحّ كونه موضوعا لحكم العقل بلزوم الامتثال ، لكن هذا المعنى متى تحقّق في النفس ولو من قبل مصلحة في نفسها على ما حقّقنا من إمكان ذلك يضادّه تحقّق مثله في طرف النقيض ، فكيف حكم بأنّه لا مضادّة بين الحكمين؟ ومجرّد كون المصلحة في أحدهما في المتعلّق وعدمها فيه في الآخر لا يوجب عدم اجتماع كراهتين وحبّين في المتعلّق ، وأمّا اجتماع الحالتين الباعثة والزاجرة فيلزم [أن يكون] هما أيضا متضادّان.
ويرد على هذا أيضا أنّه ما معنى كون الرافع بسبب هذا الحكم مثبتا على تقدير الإصابة ومسقطا على تقدير عدمها ؛ إذ الأمر المولوي الجدّي بموضوع تصديق العادل وإن كان طريقا ومرآة إلى العنوان الواقعي ، لكنّه في مرحلة الحجيّة موضوع ، يعني أنّ المولى لا يؤاخذ العبد عند المصادفة وترك الامتثال على ترك الواقع ، بل على ترك التصديق ، فإنّ شأن الأمر هو الحجيّة بالنسبة إلى متعلّقه ليس إلّا.
فتحصّل أنّ الأمر الإنشائي الصوري ليس له قابليّة تنجيز الواقع ؛ إذ بعد ما لم يدخل تحت حكم العقل بلزوم الإطاعة كيف ينجّز الغير؟ وأمّا الأمر الجدّي البعثي فهو موضوع حكم العقل ، لكن لا يرتفع غائلة التّضاد بالتزامه أوّلا ولا تنجّز الواقع ثانيا.
لا يقال : على ما ذكرت من كون المؤاخذة على ترك التصديق لا على الواقع المتروك فلم لا يؤاخذ عند عدم الإصابة.
لأنّا نقول : عدم المؤاخذة حينئذ من باب عدم تفويته غرضا من المولى لما هو المفروض من طريقيّته ، وعلى هذا يستشكل بأنّه لا فرق بين الأمارة المرخّصة والأصل المرخّص ، فلو اغمضنا عمّا ذكرنا وقلنا بأنّ محض كون المصلحة في نفس الحكم ولو الحقيقي يرتفع التضاد بينه وبين ما يكون المصلحة في متعلّقه فعين هذا موجود في الحكم الأصلي أيضا.
ثمّ قال استادنا دام ظلّه : بأنّ كلامه قدسسره عام في كلا شقّي الترديد