كما هو واضح ، فلا منافاة من جهته أيضا ، هذا تقريب رفع المنافاة من جهة المضادّة والمناقضة والمماثلة.
وأمّا تقريب كون الحكم الطريقي قائما مقام العلم في منجزيّة الواقع ورفع العقوبة عنه ، أنّ الأمر المولوي الطريقي الذي شأنه العينيّة مع الواقع لدى الإصابة لا يؤمّن عن ضرر عقوبته لأجل هذا الاحتمال ، حتى يعلم بصوريّته وعدم إصابته ، فتنجّز الواقع يكون مقتضى طريقيته وعدم موضوعيّته ، وشأنه الاتّحاد والعينيّة مع الواقع ، وملاك تنجّزه إحراز أمر المولى مع احتمال جديّته ، فإنّ ذلك موضوع للزوم الامتثال عند العقل.
وأمّا وجه الفرق بين الحليّة التي هي مفاد «كلّ شيء حلال» والحليّة التي هي مفاد خبر الثقة حيث قال بلزوم المنافاة في الاولى بينهما وبين المنع الفعلى لو صادفته ، وبعدم اللزوم في الثانية ، أمّا عدم اللزوم في الثانية فقد اتّضح وجهه ببيان أنّه صرف حكم إيقاعي إنشائي وليس بترخيص حقيقي ، وأمّا اللزوم في مفاد «كلّ شيء حلال» فلأجل أنّه ترخيص حقيقي في موضوع مشكوك الحليّة وليس بطريقي ؛ لأنّ عنوان المشكوك لا طريقيّة فيه ، ومن المعلوم أنّ الإذن الحقيقي ينافي المنع كذلك.
هذا محصّل ما أفاده هذا المحقّق الجليل على ما وضحه عند البحث بعض تلاميذ تلامذته أيدهم الله تعالى بتوفيقه ، ولكن استشكل عليه شيخنا المحقّق النحرير واستادنا الذي ليس له نظير أفاض الله تعالى علينا من بركات أنفاسه بما حاصله : إنّ الحكم الطريقي إن جعل عبارة عن صرف الإيقاع الذي يحدث في النفس عند التلفظ ب «افعل» الذي لا تنافي بينه وبين الإيقاع بهذا المعنى الذي هو مفاد «لا تفعل» فكما لا محذور بأن يتلفّظ الإنسان بكلمتي «افعل» و «لا تفعل» لا محذور أيضا في انقداح معناهما في الذهن كما في مقام الهزل ، فالإشكال متّضح الورود ، إذ حال هذا المعنى معلوم عند العقل وأنّه لا يجب اتباعه أصلا.
وإن اريد به الحالة النفسانيّة الباعثة والزاجرة التي يحمل المأمور في الإرادة الآمريّة على العمل عند تمام شرائط التنجيز ، والفاعل في الإرادة الفاعليّة ، فحينئذ