هو الرجوع بالقرآن بالاستقلال ووحده من دون نظر إلى شيء آخر لا بدّ وأن يكون واجدا للمعرفة المزبورة ، فالإمام عليهالسلام عالم بجميع ما في القرآن قبل الرجوع إلى القرآن ، فما في القرآن ـ وهو علم ما كان وما يكون ـ ومعلومات الإمام متطابقان ، لا أنّ الإمام يستخرج الأحكام من القرآن مع مجهوليّتها عنده قبل الرجوع.
فالحاصل أنّ المفتي بالقرآن يجب أن يكون عنده علم ما في القرآن ، حتّى يضع القرآن بين يديه ويحكم بطبق ما فيه ، من دون رجوع إلى خارج ، وهذا ليس إلّا شأن من خوطب بالقرآن ، فليس لأحد غيرهم عليهمالسلام ذلك أعني : وضع القرآن بين يديه والحكم بما فيه بلا رجوع إلى شيء ، وهذا غير ما نحن بصدده من الرجوع إلى ظواهر القرآن في بعض الأحكام مع استنباط أكثرها من الأخبار المرويّة عن الأئمّة عليهمالسلام ، والحاصل : لا إشكال في اختصاص فهم تمام القرآن بمحكماته ومتشابهاته بمن خوطب به ، وهذا هو المراد من المعرفة المختصّة بهم عليهمالسلام في الروايتين ، ضرورة أنّ في القرآن ما لا يختصّ فهمه بهم عليهمالسلام ، مثلا
__________________
ـ فإن قلت : نعم ، لكنّ العبرة بعموم العليّة وهي ما يستفاد من قوله عليهالسلام : أتعرف القرآن حقّ معرفته.
قلت : نمنع استفادة العليّة على وجه الاستقلال ؛ لعدم ذكر اللام ، والعليّة على وجه الجزئيّة لا يفيد المدّعى.
ثمّ لو سلّم عدم الظهور الأوّلي فيما ذكرنا فلا أقلّ من كونه حملا قريبا بملاحظة المعارض مثل أخبار عرض الأخبار المعارضة على القرآن ، فإنّه يعلم منها أنّ لغيرهم أيضا معرفة القرآن ، وإلّا فكيف يميز الموافق عن المخالف ، وهكذا سائر الأخبار الواردة في الموارد الخاصّة التي احصاها شيخنا المرتضى في رسائله ، فيكون ما ذكرنا بعد ملاحظة الجميع وجه جمع قريب ، وعليه فلا يكون محلّ التعرّض في الخبر إلّا أبو حنيفة ونظرائه ، فيكون الشيعة مسكوتا عنهم غير مشمولين للنهي ، فهم باقون تحت الأصل الأوّلي. منه قدسسره.