قابلة للانقسام إلى قسمين : ما جاء به العادل ، وما جاء به الفاسق ؛ ضرورة أنّ الطبيعة المجيء بها الفاسق يتصوّر لها الفرد المجيء بها العادل ، نعم خصوص هذا الشخص المجيء به الفاسق لا يتصوّر مجيء العادل به ، ولكن نفس الطبيعة المجرّدة تكون بعد مجيء الفاسق بها على حالها قبل المجيء بلا تفاوت ، فلها فردان كما كانا له قبل حصوله.
وبالجملة ، فيصير محصّل مدلول القضيّة حينئذ : إن جاء الفاسق بنبإ فطبيعة النبأ يصير واجب التبيّن سواء جاء بها العادل أم الفاسق ، وهذا خلاف المقصود ، وأيضا لا يخفى ما في المعنى حينئذ من البرودة ؛ إذ يلزم وجوب تبيّن تمام أخبار العالم بمجرّد مجيء فاسق بنبإ ، وحينئذ فلا بدّ من أن نجعل الطبيعة باعتبار التقيّد بمجيء الفسق موضوعا للحكم بأن نعتبر الموضوع في قولنا : النبأ إن جاءكم فاسق به فتبيّنوا عنه ، هو النبأ المجيء به الفاسق ، فالطبيعة المقيّدة بقيد مجيء الفاسق يكون واجب التبيّن ، فإذا صار القيد فعليّا وموجودا في الخارج يصير الحكم وهو وجوب التبيّن منجّزا لتنجّز شرطه ، وحينئذ فيستقيم المعنى ، لكن لا يفيد المفهوم ؛ إذ عند عدم تحقّق الشرط لا تحقّق للموضوع أعني الطبيعة المقيّدة ، فيعود الإشكال من أنّ الانتفاء عند انتفاء الموضوع ليس من المفهوم ، ونبأ العادل مغاير لموضوع القضيّة.
وإن اريد بالنبإ المجعول موضوعا الأفراد الخارجيّة ، يعني أنّ الموضوع كل شخص شخص من الأخبار الموجودة في الخارج ، فلا ريب أنّ النبأ الشخصي الخارجي ليس قابلا للتقسيم بين ما جاءه العادل وما جاءه الفاسق ، ضرورة أنّ ما جاءه الفاسق لا يتصوّر فيه مجيء العادل وبالعكس ، ولكن يصحّ فيه الترديد فيقال : هذا الشخص من النبأ إمّا جاء به العادل وإمّا جاء به الفاسق ، فحينئذ يصحّ تركيب القضيّة على وجه يفيد المفهوم ، بأن يقال في كل واحد واحد من الأنباء الشخصيّة : إن كان الجائي به فاسقا فيجب فيه التبيّن ، فيصير المفهوم أنّه إن لم يكن الجائي به فاسقا ولا محالة يكون حينئذ عادلا فلا يجب التبيّن.